للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مخاطب العبد؛ لأنه لا تصرف له في المال؛ لأنه لا مال له إذ لا يملك المال، وإن ملك فلذلك صح، قوله: (أنه مخاطب عاقل) ولكن مع هذا كان الاحتراز عنه أولى، كما احترز (١) في المبسوط (٢) بقوله: إنه حر مخاطب، فيكون مطلق التصرف في ماله كالرشيد.

وذكر فيه قبل هذا: وأما أبو حنيفة -رحمه الله- استدل بقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} (٣).

فقد نهى الولي عن الإسراف في ماله؛ مخافة أن يكبر، فلا يبقى له عليه ولاية، والتنصيص على زوال ولايته عند عدم الكبر يكون تنصيصا على زوال الحجر عنه بالكبر لأن الولاية عليه للحاجة، وإنما ينعدم الحاجة إذا صار هو مطلق التصرف بنفسه (٤).

فإن قلت: ما جواب أبي حنيفة -رحمه الله- عن النصوص التي تمسكوا في إثبات حجر السفيه كقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} (٥).

وهذا تنصيص على إثبات الولاية على السفيه، وأنه مولى عليه، فلا يكون ذلك إلا بعد الحجر عليه.

وقوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} إلى أن قال {وَاكْسُوهُمْ} (٦)، فهذا أيضا تنصيص على إثبات الحجر عليه بطريق النظر، فإن الولي هو الذي يباشر التصرف في ماله على وجه النظر منه له (٧).


(١) عنه ناقصة من (أ).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٥٩).
(٣) سورة [النساء: ٦].
(٤) انظر: التفسير الكبير للرازي ٢٠/ ١٣٦.
(٥) سورة [البقرة: ٢٨٢].
(٦) سورة [النساء: ٥].
(٧) انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٥/ ١٩٢).