للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك يشكل على هذا الكلي أيضا وجوب السعاية على العبد الذي أعتقه المحجور بسبب السفه، وعدم وجوبها في الهزل، فإن الرجل إذا أعتق عبده هازلا يعتق ولا يجب السعاية. (١)

قلت: نعم كذلك، إلا أن القاضي لما حجره عن التصرف في ماله فيما يرجع إلى الإتلاف نظرا له لم ينفذ تصرفه بالنذر في هذه الأشياء؛ لأنه لو لم يمنعه ذلك إذا أوجبه على نفسه لم يحصل المقصود بالحجر؛ لأنه تيسر حينئذ النذر بالتصرف بجميع ماله، ثم [عليه] (٢) أن يصوم لكل يمين حنث فيها ثلاثة أيام متتابعات (٣)، وإن كان هو مالكا للمال على ما يجيء. وأما وجوب السعاية فإن الحجر على السفيه لمعنى النظر له فيكون بمنزلة الحجر على المريض لأجل النظر له لغرمائه، وورثته على ما يجيء كذا في المبسوط (٤).

وذكر فيه أيضا ثم الحاصل أن السفه لا يجعل كالهزل في جميع التصرفات، ولا كالصبي، ولا كالمريض، ولكن الحجر به لمعنى النظر له، فالمعتبر فيه توفير النظر عليه وبحسبه يلحق ببعض هذه الأصول في كل حادثة النهج بسكون الهاء الطريق الواضح وهو المراد بقوله: (إن الهازل يخرج كلامه لا على نهج كلام العقلاء (وإن أعتق عبدا نفذ عتقه عندهما". وعند الشافعي لا ينفذ. والأصل عندهما أن كل تصرف يؤثر فيه الهزل يؤثر فيه إلخ وما لا فلا، لأن السفيه في معنى الهازل من حيث إن الهازل يخرج كلامه لا على نهج كلام العقلاء لاتباع الهوى ومكابرة العقل لا لنقصان في عقله، فكذلك السفيه والعتق مما لا يؤثر فيه الهزل فيصح منه. والأصل عنده: أن الحجر بسبب السفه بمنزلة الحجر بسبب الرق حتى لا ينفذ بعده شيء من تصرفاته إلا الطلاق كالمرقوق، والإعتاق لا يصح من الرقيق فكذا من السفيه.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٢٧٩).».


(١) انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٢٦٤)، البناية شرح الهداية (١١/ ٩٩).
(٢) في (ب) علته.
(٣) الصوم إنما يكون عند عدم القدرة على الطعام أو الكسوة أو تحرير رقبة.
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٦٧).