للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ليس] (١) لتخصيص هذا زيادة فائدة؛ لأنه كما لا نقول بالشفعة بالجوار، فكذلك لا نقول بالشفعة بالشركة في الحقوق [أيضًا] (٢)، وكذلك لا نقول بالشفعة فيما لا يحتمل القسمة؛ كالبئر والنهر أيضًا؛ لأنه ذكر في «الأسرار»: قال علماؤنا رحمهم الله: «الشفعة تجب بالجوار، وبالخلطة، وهي الشركة في الحقوق نحو الطريق والنهر، وتجب بالشركة في البقعة» (٣).

وقال الشافعي: «لا تجب إلا بالشركة في البقعة ثَمَّ» (٤).

[فهو] (٥) إنما يقول بالشركة في البقعة إذا كانت مما يحتمل القسمة؛ كالدار والأرض، وأما فيما لا [يحتمل القسمة] (٦)؛ كالحَمَّام، والرَّحى (٧)، والبئر، والنهر، والدُّور الصِّغار؛ فعنده لا تجب الشفعة في ذلك، وعندنا تجب فيما يُقَسَّم، وفيما لا يُقَسَّم، كذا في «الإيضاح» (٨).

فَحَصَل من هذا أنَّ عند الشافعي (٩) إنما تثبت الشفعة بوصفين:

أحدهما: بالشركة في نَفْس البُقعة، لا بالشركة في الحقوق.

والثاني: بالشركة في نفس البقعة التي تحتمل القسمة، ولا تثبت فيما لا يحتمل القسمة.

وقوله: (لأنَّ مؤنة القسمة تلزمه في الأصل، وهو فيما لم يُقَسَّم، دون الفرع، وهو الجار.

ولنا ما روينا)؛ وهو قوله -عليه السلام-: «جَارُ الدَّار أَحَقُّ بالدار والأرض، ينتظر له» (١٠).

فإن قلت: فلو روى الشافعيُّ لفظَ الجار بالشريك؛ لأنَّه يُطلق اسم الجار على الشريك؛ قال الأعشي (١١):

أَيَا جارتي بِيني فإنك طالقة … كذاك أمور الناس [على دوى طارقة] (١٢) (١٣)

والمراد: زوجته، وهي شريكته في الفِرَاش.


(١) ساقطة من: (ع).
(٢) ساقطة من: (ع).
(٣) ينظر: تحفة الفقهاء: ٣/ ٤٩، المحيط البرهاني: ٧/ ٢٦٨.
(٤) ينظر: تحفة الفقهاء: ٣/ ٤٩.
(٥) ساقطة من: (ع).
(٦) في (ع): «يقسم».
(٧) الرحى: الحجر العظيم، أنثى، والرحى التي يطحن فيها، والجمع: أَرْحٍ وأَرْحاءٌ ورُحِيٌّ ورِحِيٌّ وأَرْحِيَة، الأخيرة نادرة، قال: ودارت الحرب كدور الأرحية. ينظر: المحكم والمحيط الأعظم: ٣/ ٤٣٩، المصباح المنير: ١/ ٢٢٣.
(٨) ينظر: تحفة الفقهاء: ٣/ ٥١، المبسوط: ١٤/ ٩٣. وكتاب الإيضاح كتاب في الفروع للإمام أبي الفضل عبد الرحمن بن محمد الكرماني الحنفي (تـ ٥٤٣ هـ)، ينظر: كشف الظنون: ١/ ٢١١.
(٩) اللباب في الفقه الشافعي: ص ٢٦٤.
(١٠) سبق تخريجه، ينظر: ص ١٠٤.
(١١) هو ميمون بن قيس بن جندل، من بني قيس بن ثعلبة الوائلي، أبو بصير، المعروف بأعشى قيس، ويقال له: أعشى بكر بن وائل. عاش عمُرًا طويلاً، وأدرك الإسلام ولم يسلم، ولقب بالأعشى لضعف بصره، وعمي في أواخر عمره، مولده ووفاته في قرية (منفوحة) باليمامة قرب مدينة (الرياض)، وفيها داره، وبها قبره. ينظر: الأعلام للزركلي: ٧/ ٣٤١، معجم المؤلفين: ١٣/ ٦٥.
(١٢) في (ع): «غاد وطارقة».
(١٣) ينظر: المبسوط: ١٤/ ٩١.