للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: [جاز] (١) لما بَيَّنَّا، إشارة إلى قوله: (لأن العلة هي الشركة في العقار).

وإذا اجتمع شفعًا، فالشفعة بينهم على عدد رءوسهم، ولا يُعتبر اختلاف الأملاك.

وقال الشافعي (٢): «هي على مقادير الأنصباء» (٣)؛ بنيان (٤) دار بين ثلاثة بقي لأحدهم نصفها، وللآخر ثلثها، وللآخر سدسها؛ فباع صاحب النصف نصيبه، وطلب الإخوان الشفعة قضي بالشِّقص المبيع بينهما نصفين، عندنا وعند الشافعي «أثلاثًا بقدر ملكها» (٥)، وإن باع صاحبُ السدس نصيبَه، وطلب الآخران الشفعة قُضي به بينهما أخماسًا عنده، وإن باع صاحب الثلث نصيبه قُضي به بين الآخرين أرباعًا بقدر ملكهما، وعندنا يقضي به بينهما نصفين.

وكذلك على أصلنا: إذا بيعت ولها (٦) جاران؛ أحدهما جار من ثلاثة جوانب، والآخر من جانب واحد، فقلنا (٧) الشفعة فهو بينهما نصفان، كذا في «المبسوط» (٨)، فأشبه الربح، فإن الشريكين إذا اشتريا [شيئًا] (٩) بخمسةَ عشَرَ درهمًا مثلاً، ولم يشترط شيئًا، ومال أحدهما خمسة، ومال الآخر عشرة، ثم باعاه فَرَبِحَا ثلاثة دراهم، فالدرهمان لصاحب العشرة، والدرهم الواحد لصاحب الخمسة؛ لأن الربح بيع (١٠) للمال، فكان بينهما على قدر رأس مالهما؛ لما كان أثلاثًا كان الربح بينهما أيضًا أثلاثًا.

والغلة (١١) بأن كان حانوت بينهما أثلاثًا، فغلته أيضًا تكون بينهما أثلاثًا، وكذلك الولد والثمرة.

ولنا: أنهم استوا (١٢) في سبب الاستحقاق، وهو الاتصال؛ فيستوون في الاستحقاق، وذلك لأن سبب استحقاق الشفعة إما الجوار أو الشركة، وقد استويا في أصل ذلك، فإن صاحب القليل شريك لصاحب الكثير، وجار لاتصال ملكه بالمبيع [لصاحب الكثير؛ لأن علة الاستحقاق أصل الملك، لا قدر الملك؛ ألا ترى] (١٣) أنه لو انفرد واحدٌ منهم استحق كمال الشفعة، يعني: أن صاحب الكثير (١٤) لو باع نصيبَه كان لصاحب القليل أن يأخذ الكل إلى الشفعة بالاتفاق، [و] (١٥) كما لو باع صاحب القليل كان لصاحب الكثير أن يأخذ جميع المبيع لما أن ملك كل جزء وعلة (١٦) تامة لاستحقاق جميع المبيع بالشفعة، فإنما اجتمع في حق صاحب الكثير عللٌ، وفي حق صاحب القليل علة واحدة، والمساواة تتحقق بين العلة الواحدة والعلل؛ ألا ترى أن أحد المُدَّعِيَيْن لو أقام شاهدين والآخر عشرة من الشهداء تثبت المعارضة والمشاورة بينهما، وكذلك لو أن رجلاً جرح رجلاً جراحة واحدة، وجرحه آخر عشر جراحات؛ فمات من ذلك استويا في حكم القتل والترجيح بقوة في الدليل؛ كالشريك يترجح على الجار، وكجزِّ الرقبة مع جرح الآخر، وأن حكم القتل يضاف إلى الجار [لا إلى الجارح] (١٧) بالاتفاق لا بكثرته؛ لأن ما يصلح علة بانفراده لا يصلح مُرجحًا؛ لأن عند ظهور الترجيح كان المرجوح مدفوعًا بالراجح.


(١) ساقطة من: (ع).
(٢) ينظر: الهداية: ٤/ ٣٠٩، البناية: ١١/ ٢٩١.
(٣) النجم الوهاج في شرح المنهاج: ٦/ ١٩٠.
(٤) في (ع): «بناء».
(٥) الغرر البهية في شرح البهجة الوردية: ٣/ ٣٦٤.
(٦) في (ع): «لهما».
(٧) في (ع): «فطلب».
(٨) ينظر: المبسوط: ١٤/ ٩٧.
(٩) زيادة من: (ع).
(١٠) في (ع): «تبع».
(١١) في (ع): «والعلة».
(١٢) في (ع): «استووا».
(١٣) ما بين المعكوفين زيادة من: (ع).
(١٤) في (أ): «الكبير»، والصواب: «الكثير»، كما في (ع).
(١٥) زيادة من: (ع).
(١٦) في (ع): «علة» بدون الواو.
(١٧) ساقطة من: (ع).