للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهاهنا حقُّ صاحب القليل لا يبطل أصلاً، فعرفنا أنه لا ترجيح في جانبه من حيث قوة العلة، هذا كله مما أشار إليه في «المبسوط» (١).

[فإن قلت] (٢): لو قال الشافعي بأنَّ قولكم: لو انفرد واحد منهم استحق كمال الشفعة، فيجب أن يكون مساويًا لصاحب الكثير (٣) لا يلزمني؛ لأنه يجوز أن تكون العلة الواحدة مُثبتة لكمال الحكم، ولكن عند الانضمام مع أخرى يثبت استحقاق أكثر مما يثبته عند الانفراد، وله نظير في الشرع؛ كالرجالة في الغنيمة إذا انفردوا يستحقون كل الغنيمة، وكذلك الفرسان إذا انفردوا يستحقون الكلَّ أيضًا، ولكن إذا اشتركوا قُسِّمت الغنيمة بينهم على التفاوت، وكذلك لو مات واحد وترك بنتًا وأختًا له وأخًا (٤)، فإن للبنت النصف، والباقي للأخت أو للأخ (٥) لِحَقِّ العُصوبة، ولو ترك مع البنت أخًا وأختًا (٦) كان النصف بينهما أثلاثًا (٧).

فكذلك هاهنا استحق صاحب القليل كل الدار بالشفعة عند الانفراد، ولكن عند الاجتماع مع صاحب الكثير يتفاوت استحقاقهما للشفعة، ولأن استحقاق الشفعة منفعة تصل لصاحب الملك بسبب ملكه، فيجب أن يكون معتبرًا بضرر يلحقه بسبب ملكه؛ ليكون كل واحد [منهما] (٨) بقدر ملكه، ثم في الضرر مُقَدَّر بحسب الملك، كما في الضمان بسبب الحائط المائل إذا كان مشتركًا بين اثنين أثلاثًا فأشهد عليهما فيه، ثم سقط الحائط، وأضاف/ مالاً أو نفسًا كان الضمان عليهما أثلاثًا بقدر الملك؛ فيجب أن يكون في المنفعة كذلك؛ لقوله -عليه السلام-: «الخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» (٩) ما جوابنا عنه؟


(١) ينظر: المبسوط: ١٤/ ٩٨.
(٢) ساقطتان من: ع، ومكانهما بياض.
(٣) في (أ): «الكبير».
(٤) في (ع): «أو أختًا له أو أخًا».
(٥) في (ع): «للأخ أو للأخت».
(٦) في (ع): «أو أختًا».
(٧) روضة الطالبين وعمدة المفتين: ٥/ ١٠٠.
(٨) ساقطة من: (ع).
(٩) أخرجه أبو داود في سننه: ٣/ ٢٨٤، كتاب أبواب الإجارة، باب فيمن اشترى عبدًا فاستعمله ثم وجد به عيبًا، رقم الحديث: ٣٥٠٨، وأخرجه ابن ماجه في سننه: ٢/ ٧٥٤، كتاب التجارات، باب الخراج بالضمان، رقم الحديث: ٢٢٤٣، وأخرجه الترمذي في سننه: ٣/ ٥٧٣، كتاب أبواب البيوع، باب ما جاء فيمن يشتري العبد ويستغله ثم يجد به عيبًا، رقم الحديث: ١٢٨٥، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه، والعمل على هذا عند أهل العلم.