للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه الظاهر: أنه لا ثمن له عليه قبل القضاء، يعني: لا ثمن للمشتري على الشفيع قبل قضاء القاضي بالشفعة للشفيع، [فكيف يطالب المشتري الثمن من الشفيع قبل الوجوب فلابد من قضاء القاضي له بالشفعة] (١) حتى يتمكن المشتري من مطالبة الثمن عن الشفيع. إلى هذا أشار في «المبسوط» (٢).

وقال بعد قول محمد: «ولكنا نقول: ما لم يجب الثمن عليه لا يطالب بإحضاره، ووجوب الثمن عليه بقضاء القاضي له بالدار، فالقاضي يَقضي له بحقه قبل إحضار الثمن/، ويجعل المشتري أحق بإمساكها إلى أن يستوفي الثمن، فيدفع الدار إليه، كما هو الحكم بين البائع والمشتري» (٣).

وذكر في «الذخيرة» محيلاً إلى «شرح الطحاوي» فقال: «وفي «شرح الطحاوي»: لا ينبغي للقاضي أن يقضي للشفيع حتى يحضر الثمن، وإن قضى لا ينفذ (٤) قضاؤه، ولكن للمشتري أن يحبس الدار حتى ينقد الشفيع الثمن، فإن الشفيع لو قال: ليس عندي الثمن أحضره اليوم، أو قال: غدًا، أو ما أشبه ذلك، فالقاضي لا يلتفت إلى ذلك، ويبطل حقه في الشفعة» (٥).

ثم قال: «فرق بين هذا وبين المشتري مع البائع، فإن المشتري إذا لم يدفع الثمن إلى البائع في الحال، وماطله في ذلك لا يبطل الشراء، والفرق أن البائع لما أزال البيع عن ملكه قبل وصول الثمن إليه فقد أضرَّ بنفسه عن اختيار فلا ينظر له بإبطال ملك المشتري، وإنما ينظر له بإثبات ولاية حبس المبيع، فأما المشتري هاهنا فلا يزيل ملك نفسه عن اختيار ليقال: أضر بنفسه قبل وصول الثمن إليه، بل الشفيع يتملك عليه كرهًا؛ دفعًا للضرر عن نفسه، وإنما يجوز للإنسان دفع الضرر عن نفسه على وجه لا يضر بغيره، ودفع الضرر عن المشتري بإبطال [حق] (٦) الشفعة إذا قال: ليس عندي الثمن، أو قال: أحضره غدًا.

وقوله: (فيحبس له)، أي: يحبس المبيع في يد المشتري حتى يأخذ الثمن، وهي أن البيع في حق المشتري إذا كان ينفسخ لابد من حضوره؛ ليقضي بالفسخ عليه، فيكون اشتراط حضور المشتري معلولاً بعلتين؛ بعلة أنه يصير مقضيًّا عليه في حق الملك؛ لأنه ذكر قبل هذا بقوله؛ لأن الملك للمشتري، واليد للبائع، والقاضي يقضي بهما للشفيع، فلابد من حضورهما، وبعلة أنه يصير مَقضيًّا عليه في حقِّ الفسخ؛ فما ذكر هاهنا بقوله ليقضي بالفسخ عليه، والقضاء على الغائب لا يجوز ملكًا أو فسخًا، فلابد من حضوره، ثم وجه هذا الفسخ المذكور، وهو قوله: (فيفسخ البيع بمشهد منه)، أن يفسخ، أي: عند فسخ القاضي في حق الإضافة، أي: إضافة البيع إلى المشتري المراد من الإضافة [هو] (٧) انتقال كاف الخطاب في قول البائع: بعتُ منك من المشتري إلى الشفيع، فصار كأن البائع خَاطَبَ الشفيعَ بقوله: بعتُ منك.


(١) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).
(٢) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١١٩.
(٣) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١١٩.
(٤) في (ع): «ينقض».
(٥) ينظر: البناية: ١١/ ٣١٤.
(٦) ساقطة من: (ع).
(٧) في (ع): «و».