للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلنا: كل واحد منهما إنما يقر على الغير، والإقرار على الغير باطل وجوده وعدمه بمنزلة.

ألا ترى أن من ادعى على ميت دينًا، وأقر به وصيه فإن المدعي (١) تكلف إقامة البينة، وبتنصيب الوصي خصمًا له، وإن كان الوصي مُقِرًّا.

بخلاف المنقول، إلى آخره، يعني: أن معنى النظر للميت في المنقول في القسمة من وجهين:

أحدهما: أن العروض يخشى عليها التوى (٢) والتلف، وفي القسمة تحصين وحفظ لها، وأما العقار فحصن بنفسه لا يخشى عليه التلف، ففي القسمة قضاء على الميت يقطع حقه عنه، والثاني [أن] (٣) في العروض ما يأخذ كل واحد منهم بعد القسمة يصير مضمونًا عليه بالقبض في حق غيرهم، ففي جعل ذلك مضمونًا عليهم معنى النظر للميت، وذلك لا يوجد في العقار فإنه لا يصير مضمونًا في العقار على من أثبت يده فيه عند أبي حنيفة. كذا في «المبسوط» (٤). وكان قوله: «ولا كذلك العقار عنده- أي: عند أبي حنيفة (٥).

(وبخلاف المشترى) معطوف على قوله: (بخلاف المنقول)، أي: يقسم القاضي العقار بينهم إذا ادَّعوا الشرى، وقال في «المبسوط» (٦): «ولو كان في أيديهم دار، وأقروا بها دراهم اشتروها من فلان الغائب، وسألوا القاضي قسمتها أجابهم القاضي إلى ذلك، ثم قال في جواب أبي حنيفة عن هذه المسألة: فقال (٧): «وأما في الشرى فقد روي عن أبي حنيفة في غير الأصول: أن القاضي لا يقسمها بينهم، وسوى بين الشرى والميراث، ولكن على هذا الطريق، أي: على الطريق الثاني الذي ذكرنا لأبي حنيفة: يسلم، كما هو ظاهر الرواية، فيقول: قضاؤه بالقسمة في المشترى لا يتضمن قطع [حق] (٨) البائع؛ لأن بعد البيع والتسليم لا يبقى المبيع على حكم ملك البائع بخلاف الميراث.

وقال في «الذخيرة» (٩) بخلاف فصل الشراء على ظاهر الرواية؛ لأن القسمة هناك لا تتضمن بطلان شيء من ملك البائع؛ لأن المشتري بعد القبض ملك المشتري من كل وجه، ولم يبق للبائع فيه حق.


(١) في (ع): «الميت».
(٢) التوى: التوى الحبل وغيره: انفتل وانثنى. التوت الطريق: اعوجت. التوى عليه الأمر: صعب وعسر. ينظر: معجم اللغة العربية المعاصرة: ٢/ ٢٠٥٢.
(٣) زيادة من: (ع).
(٤) ينظر: المبسوط: ١٥/ ١٠.
(٥) ينظر: البناية: ١١/ ٤٠٩.
(٦) ينظر: المبسوط: ١٥/ ٩.
(٧) ينظر: المصدر السابق: ١٥/ ١٠.
(٨) زيادة من: (ع).
(٩) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٣٦٤.