للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخلاف البيع فإنه يكون صحيحًا، وإن لم يذكر الحقوق والمرافق؛ لأن المقصود بالبيع ملك العين، وهذا المقصود يتم للمشتري، وإن كان يتعذر عليه الانتفاع لعدم الطريق والمسيل له؛ كمن اشترى مهرًا صغيرًا أو أرضًا سبخة فإنه يجوز، وإن كان لا ينتفع بالمشترى، وهذا لأنه يترك النظر لنفسه حين لم يذكر الحقوق والمرافق ليدخل الطريق والمسيل فلا يشتغل بالنظر له، فأما في القسمة فالمقصود إيصال كل واحد منهما إلى الانتفاع بنصيبه، فإذا لم يكن له مفتح إلى الطريق ولا مسيل ماء، وهذه قسمة وقعت على ضرر فلا يجوز إلا أن يذكر الحقوق والمرافق، فيستدل بذلك على أنهما قصدا إدخال الطريق والمسيل لتصحيح القسمة لعلمها أن القسمة لا تصح بدونهما في هذا الموضع، ولو ذكر الحقوق في الوجه الأول، أي: فيما إذا أمكن صرف الطريق والمسيل عنه، ثم المراد من ذكر الحقوق أي: مطلقًا بأن قال: هذا لك بحقوقه. فأما إذا قال: هذا لك بطريقه وشربه ومسيل مائه، فإنه يثبت هذه الحقوق؛ لأنها أثبتت بأبلغ وجوه الإثبات. كذا في «مبسوط القاضي الإمام أبي زيد -رحمه الله» (١) - كذلك الجواب، أي: إنما يستحق الطريق والمسيل (٢) من وقع له نصيب من الدار والأرض في القسمة بذكر الحقوق إذا لم يمكن [له] (٣) الاستطراق والسيل في نصيبه.

وأما إذا تمكن فلا يستحق الطريق والمسيل بذكر الحقوق. هكذا ذكر (٤) في «الذخيرة»، وقال (٥): «ثم إذا ذكر الحقوق والمرافق في القسمة، فإنما يستحق المشروط له الحقوق بالطريق فيما أصاب صاحبه بالقسمة إذا لم يمكنه إيجاد طريق آخر، أما إذا أمكن (٦) فلا، والقسمة في هذا تخالف البيع فإن الطريق والشرب يدخلان في البيع بذكر الحقوق والمرافق، وإن كان للمشتري إمكان فتح الطريق في نصيبه، وإمكان سقي الأرض من نهر آخر، وشرح [من] (٧) هذه المسألة في «المبسوط» في الباب الأول من كتاب (القسمة)، فقال (٨): «وإذا كانت الدار بين رجلين، وفيها صُفَّة فيها بيت، وباب البيت في الصُّفَّة، ومسيل ماء البيت على ظهر الصُّفَّة، أي: على سطحها؛ فاقتسما فأصاب الصفة أحدهما وقطعة من الساحة، [وأصاب البيت أحدهما، وقطعه من الساحة الصفة] (٩)، ولم يذكروا طريقًا ولا مسيل ماء، وصاحب البيت يقدر أن يفتح بابه فيما أصاب من الساحة، ومسيل مائه في ذلك، فأراد أن يمر في الصفة على حاله، ومسيل مائه على ما كان فليس له ذلك، سواء اشترط كل واحد منهما أن له ما أصابه بكل حق له، أو لم يشترط ذلك، والقسمة في هذا.


(١) هو عبيد الله بن عمر بن عيسى، أبو زيد الدَّبُّوسي، له: كتاب «الأسرار»، وكتاب «تقويم الأدلة»، وهو أول من وضع علم الخلاف، توفي ببخارى سنة ٤٦٠ هـ. ينظر: تاج التراجم: ص ١٩٢، الجواهر المضية: ١/ ٣٣٩.
(٢) في (ع): «المسيل والطريق».
(٣) ساقطة من: (ع).
(٤) في (ع): «ذكره».
(٥) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٣٥٣.
(٦) في (ع): «أمكنه».
(٧) ساقطة من: (ع).
(٨) ينظر: المبسوط: ١٥/ ١٤.
(٩) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).