للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتهايؤ في هذا الوجه إفراز (١) بجميع الأنصباء، وإنما قيد بقوله: هذا الوجه، وهو أن يسكن هذا في جانب من الدار ويسكن هذا في جانب آخر منهما في زمان واحد؛ لأنه إذا اتحد زمان الاستيفاء يجعل إفراز لا مبادلة للإمكان من الإفراز إذا تهايأ مكانان في زمان واحد يتحقق معنى الإفراز، وأما إذا كان التهايؤ في الزمانين في مكان واحد لا يمكن جعله إفرازًا، بل يجعل كل واحد منهما كالمنقرض عن الآخر في نوبته، وكان مبادلة إفرازًا.

ولهذا لا يشترط فيه التأقيت، وهذا إيضاح أنه إفراز؛ لأنه لو كان مبادلة لا تشترط التأقيت، كما في الإجارة؛ لأنه لو كان مبادلة كان تمليك المنافع بالعوض فيلحق بالإجارة حينئذ فيشترط التأقيت.

وقوله: (شرط في ذلك في العقد أو لم يشترط) هذا القيد للاحتراز عما ذهب إليه أبو علي الشاشي (٢) (٣)، وذكر في «الذخيرة» (٤): دار بين رجلين تهايأا على أن يسكن منزلاً معلومًا وهذا منزلاً معلومًا، وعلى أن يؤاجر كل واحد منهما منزله، ويأكل غلته فهو جائز. كذا ذكر في بعض الروايات، وذكر في بعض الروايات: أو على أن يؤاجر كل واحد منهما منزله، فعلى الرواية الأولى: هذه مهايأة في السكنى والاستغلال جميعًا من حيث المكان، وبيان أنهما إذا تهايأا في السكنى ولم يشترطا الإجارة أن كل واحد منهما لا يملك إجارة منزله، إذ لو ملك كل واحد منهما ذلك لم يكن لاشتراط الإجارة مع السكنى معنى، وإلى هذا ذهب أبو علي الشاشي.

وكان الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي يقول: ظاهر المذهب أن كل واحد منهما يملك إجارة منزله، وإن لم يشترطا الإجارة وقت المهايأة، وعلى الرواية الثانية يكون هذا مهايأة، أما في السكنى وفي الاستغلال من حيث المكان، وبيان على أن المهايأة في الاستغلال يجوز حالة الانفراد مقصودًا، كما يجوز تبعًا للمهايأة في السكنى، ثم إنما ملك كل واحد منهما إجارة منزله من غير الشرط في ظاهر المذهب على ما ذكره شمس الأئمة؛ لأن المهايأة قسمة المنفعة فما نصيب كل واحد منهما من المنفعة يحصل مستحقًّا له باعتبار قديم ملكه؛ لأن المنفعة جنس واحد لا يتفاوت بمنزلة قسمة المكيل والموزون ليملك الاعتياض عن المنفعة المملوكة له، شرط ذلك أو لم يشترط.


(١) في (ع): «إقرار».
(٢) هو أحمد بن محمد بن إسحاق، أبو علي الشاشي الفقيه، سكن بغداد ودرس بها، تفقه على أبي الحسن الكرخي، توفي سنة ٣٤٤ هـ. ينظر: الجواهر المضية: ١/ ٩٨، ٩٩.
(٣) ينظر: البناية: ١١/ ٤٦٤.
(٤) ينظر: المصدر السابق: ١١/ ٤٦٤.