للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن التهايؤ في المكان أعدل لاستوائهما في زمان الانتفاع من غير تقديم لأحدهما على الآخر، أما لو تهايأا زمانًا بأن يكون يومًا لهذا ويومًا لهذا فلا بد أن يتقدم ثوبه ثوب أحدهما على الآخر، فلا تبقى المساواة بينهما في الانتفاع فلا يكون عدلاً.

وفي الزمان أكمل؛ لأن كل واحد منهما ينتفع بجميع جوانب الدار في نوبته، فكان/ انتفاع كل واحد منهما بالدار أكمل في نوبته لانتفاعه بجميع الدار بخلاف التهايؤ من حيث المكان، فإن فيه انتفاعًا ببعض الدار، وكان انتفاعه بالدار أنقص.

(على أن يخدم هذا) أي: هذا الشريك.

وقال هذا في محل النصب بالمفعولية.

وقال: هذا العبد بالرفع، وكذلك الآخر بالآخر بنصب الأول ورفع الثاني.

جاز عندهما، أي: عند أبي يوسف ومحمد (١).

لأن القسمة على هذا الوجه جائزة جبرًا من القاضي، أي: عندهما.

وهكذا روي عنه، يعني: قال بعض المشايخ: إن عنده لا يقسم.

وقد روى عنه، كما قال ذلك البعض.

وحاصل مسائل التهايؤ في العبيد: هو أن التهايؤ في استخدام عبد واحد بينهما من غير استغلال يجوز بلا خلاف، وكذلك في العبدين على الأصح، أي: يجوز بلا خلاف، وأما التهايؤ في العبد الواحد بينهما من حيث الاستغلال فلا يجوز بالاتفاق والتمايز في العينين بينهما من حيث الاستغلال فيجوز عندهما خلافًا لأبي حنيفة على ما يجيء (٢).

(ولو تهايأ في الدارين) أي: على السكنى، أو الغلة.

وقد قيل: لا يجبر عنده. وهو قول الكرخي (٣).

وعن أبي حنيفة أنه لا يجوز التهايؤ فيه أصلاً، أي: لا بطريق الجبر، ولا بطريق التراضي. أما بالجبر لما قلنا، وهو قوله اعتبارًا بالقسمة (٤).

وأما بالتراضي فلما ذكر في الكتاب من أنه بيع السكنى بالسكنى، وهو غير جائز على ما مَرَّ في الإجارات.

وجواب ظاهر الرواية عن هذا: ما ذكرناه من رواية «الذخيرة»: هو أن الحرمة عند وجود أحد وصفي علة الربا ثابتة بالنص بخلاف القياس.

والنص ورد فيما هو مبادلة من كل وجه، وهو البيع، والمهايأة: إفراز من وجه، مبادلة من وجه، فيعمل فيها بقضية القياس؛ لأن الحكم إذا ثبت بخلاف القياس يراعى فيه جميع شرائط ما ورد فيه النص (٥).

وذكر في «الإيضاح» (٦): وذهب أبو الحسن إلى أن معنى قول أبي حنيفة أن الدور لا يقسم معناه، أي: لا يفعل القاضي، وإن فعل جاز. فعلى هذا القول القسمة في الأصول جائزة، فكذا في المهايأة ثم بيان الوجه أن يقال بأن قسمة الأعيان يقع بالقيمة، وقيمة البناء يختلف اختلافًا بينًا، وإذا كثر التفاوت التحقت بالأعيان المختلفة في حق القسمة، فأما السكنى فالمعتبر فيه الصلاحية فلما يقع فيه التفاوت، فصارت الدور كالأعيان المتقاربة في حق التهايؤ، وفي حق القسمة أجناس مختلفة.


(١) ينظر: العناية: ٩/ ٤٥٨، البناية: ١١/ ٤٦٦.
(٢) ينظر: البناية: ١١/ ٤٦٧، العناية: ٩/ ٤٥٩.
(٣) ينظر: البناية: ١١/ ٤٦٧، العناية: ٩/ ٤٥٩.
(٤) ينظر: البناية: ١١/ ٤٦٧، العناية: ٩/ ٤٥٩.
(٥) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٣٨٠.
(٦) ينظر: البناية: ١١/ ٤٦٦.