للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «الإيضاح» (١) و «الذخيرة» (٢): ولو دفع إلى رجل أصول رطبة نابتة في الأرض/ معاملة ولم يسم سنة [ولا أكثر] (٣) من ذلك، فهذا على وجهين، فإن لم يكن لحرازها وقت معلوم فالمعاملة فاسدة، وإن كان لحرازها وقت معلوم فالعقد جائز فيقع على الجزة الأولى، وهذا لأن الرطبة مما يزداد طولاً بطول المدة، فمتى لم يكن وقت الحراز معلومًا كان مدة المعاملة مجهولة بخلاف الثمر؛ لأن لإدراكه وقتًا معلومًا إذا بلغ ذلك الوقت لا يزداد بعد ذلك، وإن طال الزمان، أما الرطبة بخلافها.

ويشترط تسمية الجزء مشاعًا لما بينا في المزارعة، وهو قوله: (ولا تصح المزارعة)، إلى أن قال: (إلا أن يكون الخارج بينهما شائعًا تحقيقًا لمعنى الشركة)، إلى آخره.

(لا تخرج الثمر فيها) أي: في تلك المدة، أنث الوقت بتأويل المدة، كما يؤنث الصوت بتأويل الصيحة في قوله: ما هذه الصوت؟

والأصل في النصوص أن تكون معلومة سيما على أصله، أي: خصوصًا على أصل الشافعي، فإنه يرى تعليل الأصول أكثر مما رآه أصحابنا، وذلك لوجهين:

أحدهما: أن المذهب عنده هو أن النصوص كلها معلولة بكل وصف إلا أن لابد من قيام دليل التمييز بين وصف ووصف، على أن هذا الوصف هو مناط الحكم دون سائر الأوصاف.

وعندنا أيضًا هو كذلك، لكن بزيادة شرط آخر فيها سوى هذا الشرط، فإن عندنا لابد من قيام دلالة التمييز، كما قال الشافعي، ولابد أيضًا قبل ذلك من قيام الدليل على أن هذا النص نفسه [بعينه] (٤) معلول بعلة ما، فيظهر أثر هذا الخلاف في مسألة الخمر: أن حرمة الخمر معلولة بعلة أم لا؟ فعنده معلولة بناء على أن الأصل في النصوص التعليل، وقد قام دليل التمييز وهو صفة المخامرة.

وعندنا غير معلولة لانعدام الدليل على أن نص الخمر معلول، بل قد قام النص على أنه غير معلول بقوله -عليه السلام-: «حرمت الخمر لعينها» (٥).


(١) ينظر: بدائع الصنائع: ٦/ ١٨٦.
(٢) ينظر: المصدر السابق: ٦/ ١٨٦.
(٣) زيادة من: (ع).
(٤) زيادة من: (ع).
(٥) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: ١٠/ ٣٦١، كتاب جماع أبواب من تجوز شهادته ومن لا تجوز من الأحرار البالغين العاقلين المسلمين، باب: شهادة أهل الأشربة، رقم الحديث: ٢٠٩٤٧. وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»: ١٠/ ٣٣٨، باب العين، عبد الله بن شداد عن ابن عباس، رقم الحديث: ١٠٨٣٧، وقال الألباني: ضعيف. ينظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة: ٣/ ٣٦٣، ٣٦٤.