للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: أنه يجوز تعليل النصوص بنوعي العلة، وهما العلة المتعدية والقاصرة، فيظهر أثر [هذا] (١) الخلاف في الذهب والفضة في حديث الربا: أنه هل يصح أن تعلل بالثمنية أم لا؟ فعنده يصح، وإن كانت قاصرة.

وعندنا لا يصح، فكان وجوه العلل عنده أكثر ضرورة، فكان هو أولى بأن يقال شيئًا على أصله لهذين الوجهين.

(بخلاف المزارعة بالإضافة إلى صاحب البذر)، وإنما قيد بقوله: (بالإضافة إلى صاحب البذر)؛ لأنه لو امتنع الذي ليس من قبله البذر أجبره الحاكم على العمل.

(على ما قدمنا) أراد به ما ذكره [في] (٢) المزارعة بقوله: (وإذا عقدت المزارعة فامتنع صاحب البذر من العمل لم يجبر عليه؛ لأنه لا يمكنه المضي في العقد إلا بضرر يلزمه).

وحاصل الفرق بين المزارعة والمعاملة في هذه المسألة راجع إلى وجود الضرر وعدمه؛ ففي المزارعة قبل إلقاء البذر لما تضمن المضي على موجب العقد الضرر، وهو استهلاك البذر في الحال جاز لصاحب البذر أن يمتنع من المضي على موجب العقد، وإن كان بغير عذر سوى إلقاء البذر، لكون إلقاء البذر عذرًا.

بخلاف المعاملة فإن مثل هذا الضرر لم يوجد هناك من الجانبين فلذلك وقعت المعاملة من حين وقعت لازمة من الجانبين، فإن صاحب النخل هنا بمنزلة صاحب البذر هناك، فإن النخل أصل لما يتفرع عليه من الثمر كالبذر (٣)، أصل (٤) لما يتفرع عليه من الخارج، ثم إن صاحب النخل هاهنا لا يحتاج في المضي على موجب العقد إلى إتلاف شيء؛ لأن النخل يبقى كما كان؛ فيلزم العقد من الجانبين.

بخلاف صاحب البذر فإنه لو مضى على موجب العقد يحتاج إلى أن يلقي بذره في الأرض، وفيه إتلاف ملكه، فله أن لا يرضى به. إلى هذا أشار في «المبسوط» (٥).

ثم عذر صاحب الكرم هو أن يلحقه دين قادح (٦) لا يمكنه الإيفاء إلا ببيع الكرم.

وعذر العامل: هو أن يمرض.

ولا يقال: ينبغي أن يؤمر في مرضه بأن يستأجر غلامًا ليقيم العمل.

لأنا نقول: [إن] (٧) في ذلك إلحاق ضرر به لم يلتزمه بعقد المعاملة، وإذا كان في إيفاء (٨) العقد عليه ضرر فوق ما التزمه يصير ذلك عذرًا له في فسخ المعاملة. كذا في «المبسوط» (٩).


(١) زيادة من: (ع).
(٢) زيادة من: (ع).
(٣) في (ع): «بالبذر».
(٤) في (ع): «وأصل».
(٥) ينظر: المبسوط: ٢٣/ ١٠١.
(٦) في (ع): «خارج».
(٧) زيادة من: (ع).
(٨) في (ع): «إلقاء»، وهو الصواب؛ لظاهر المعنى.
(٩) ينظر: المبسوط: ٢٣/ ١٠٢.