للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن [مات] (١) رب الأرض والخارج بسر (٢)، فللعامل أن يقوم عليه. هذا جواب الاستحسان.

وأما في جواب القياس فقد انتقضت المعاملة بينهما، وكان البسر بين ورثة صاحب الأرض وبين العامل نصفين/ فيما إذا كان العقد على المناصفة، وذلك لأن صاحب الأرض استأجر العامل ببعض الخارج والإجارة تنتقض بموت أحد المتعاقدين، ثم انتقاض العقد بموت أحدهما بمنزلة اتفاقهما على نقضه في حياتهما، ولو نقضاه والخارج [بسر] (٣) كان بينهما ونصفين. فكذا هنا، ولكنه استحسن فقال: للعامل أن يقوم عليه كما كان يقوم حتى يدرك الثمر، وإن كره ذلك الورثة؛ لأن في انتقاض العقد بموت رب الأرض إضرارًا بالعامل وإبطال المال كان مستحقًّا له بالعقد، وهو ترك الثمار في الأشجار إلى وقت الإدراك.

وإن التزم العامل الضرر أي: بأن يقول: أنا آخذ نصف البسر، فله ذلك؛ لأن إيفاء (٤) العقد لدفع الضرر عنه، فإذا رضي بالتزام الضرر انتقض العقد بموت رب الأرض، إلا أنه لا يملك إلحاق الضرر بورثة رب الأرض، فيثبت الخيار للورثة بين الأشياء الثلاثة، على ما ذكر في الكتاب.

وقد بينا نظيره في المزارعة، وهو قوله (٥): (وإن أراد المزارع أن يأخذه بقلاً قيل لصاحب الأرض: اقلع الزرع فيكون بينهما، أو أعطه قيمة نصيبه، أو أنفق أنت على الزرع وارجع بما تنفقه؛ لأن فيه النظر من الجانبين)، أي: من جانب رب الأرض وجانب ورثة العامل؛ لأن فيه تحصيل مقصودهم وتوفير حقهم عليه (٦) بترك نصيب مورثهم من الثمر في النخل إلى وقت الإدراك كما كان مستحقًّا له.

وقوله: (وهذا خلافه في حق مالي) إلى قوله: (لا أن يكون وراثة في الخيار) هذا جواب الإشكال تقديري، وهو أن يقال: خيار الشرط لا يورث، فكيف يثبت الخيار لورثة العامل.

وفي «المبسوط» (٧) ولو ماتا (٨) جميعًا كان الخيار في القيام عليه، أو في تركه إلى ورثة العامل؛ لأنهم يقومون مقام العامل، وقد كان له في حياته هذا الخيار بعد موت رب الأرض، فكذلك يكون لورثته بعد موته، وليس هذا من باب توريث الخيار، بل من باب خلافة الوارث المورث فيما هو حق مالي مستحق عليه، وهو ترك الثمار على النخل إلى وقت الإدراك؛ لأن الشجر لا يجوز استئجاره، أي: استئجار الشجر باطل، فإنه لو استأجره لا يجب أجر المثل [أيضًا.


(١) ساقطة من: (ع).
(٢) في (ع): «يسير».
(٣) ساقطة من: (ع).
(٤) في (ع): «إبقاء».
(٥) ينظر: الهداية: ٤/ ٥٨.
(٦) في (ع): «عليهم».
(٧) نظر: المبسوط: ٢٣/ ٥٦، ٥٧.
(٨) في (ع): «كانا».