للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا ترى أن من حلف فقال: والله لا آكل من هذا الطعام، فإنه يحنث بأقل القليل، ولو قال: هذا الطعام لا يحنث حتى يأكل الجملة.

والهاء في قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} (١) إن كان كناية عن الأكل والفسق أكل الحرام، وإن كان كتابة [لعله: كناية] عن المذبوح، فالمذبوح الذي يسمى فسقًا في الشرع يكون حرامًا كما قال الله تعالى: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (٢).

وفي الآية بيان أن الحرمة لعدم ذكر اسم الله تعالى؛ لأن التحريم يوصف دليل على أن ذلك الوصف هو الموجب للحرمة، كالميتة والموقوذة، وبهذا يتبين فساد حمل الآية على الميتة وذبائح المشركين، فإن الحرمة هناك ليست لعدم ذكر اسم الله تعالى، حتى أنه وإن ذكر اسم الله تعالى لم يحل، وشيء من المعنى يشهد على أن التسمية من شرائط الحل هو أن ذبيحة الكتابي تحل، وذبيحة المجوسي لا تحل، وليس بينهما فرق يعقل معناه بالرأي سوى أن من يدعي التوحيد يصح منه تسمية الله تعالى على الخلوص فيه (٣) يتبين أن التسمية من شرائط الحل، وإنما أمرنا ببناء الحكم في حق أهل الكتاب على ما يظهرون دون ما يضمرون.

ألا ترى أن تسمية [غير] (٤) الله تعالى على سبيل التعظيم موجبة للحرمة لقوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} (٥) [تعالى] (٦) فلو اعتبرنا ما يضمرون لم تحل ذبيحتهم، ثم [إنما] (٧) أمرنا بالتسمية عند الذبح مخالفة للمشركين؛ لأنهم كانوا يسمون آلهتهم عند الذبح ومخالفتهم واجبة علينا، فالتسمية عند الذبح علينا واجبة أيضًا.

بخلاف الطبخ والخبز، فإنهم ما كانوا يسمون عند ذلك، فالأمر بالتسمية عند ذلك ندب لذلك. هذا كله من «المبسوط» (٨) و «الأسرار» وللسمع غير مجري على ظاهره. وهذا جواب عن قول مالك حيث يحتج بظاهر قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (٩)، ونقول: لا فصل (١٠) في النص فيجري (١١) على ظاهره في اشتراط التسمية.


(١) سورة الأنعام، من الآية: ١٢١.
(٢) سورة الأنعام، من الآية: ١٤٥.
(٣) في (ع): «منه».
(٤) ساقطة من: (ع).
(٥) سورة البقرة، من الآية: ١٧٣.
(٦) ساقطة من: (ع).
(٧) ساقطة من: (ع).
(٨) ينظر: المبسوط: ١١/ ٢٣٨.
(٩) سورة الأنعام، من الآية: ١٢١.
(١٠) في (ع): «فعل».
(١١) في (ع): «فيجوز».