للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونظيره: أن يقول: باسم الله، محمد رسول الله إن قال بالرفع يحلُّ، وإن قال بالخفض لا يحل. هكذا ذكره في النوازل (١)، قال بعضهم: هذا إذا كان يعرف النحو، وقال بعضهم: على قياس ما روي عن محمد أنه لا يرى الخطأ في النحو مُعتبرًا في باب الصلاة ونحوها لا تحرم الذبيحة. كذا في «الذخيرة» (٢).

وذكر الإمام التمرتاشي (٣) ذكر اسم الله تعالى واسم الرسول موصولاً لا بغير واو، فهذا على أوجه إما أن ينصب محمدًا أو يخفضه أو يرفعه، وفي كلها يحل؛ لأنه اسم الرسول غير مذكور على سبيل العطف فيكون مبتدئًا، لكن يكره لوجود الوصل صورة، وإن ذكر مع الواو وإن خفضه لا يحل؛ لأنه يصير دائمًا بهما، وإن رفعه يحل؛ لأنه كلام مبتدأ، وإن يصبه اختلفوا فيه.

وعلى هذا القياس لو ذكر اسم آخر مع اسم الله تعالى ما روي عن النبي -عليه السلام- أنه قال بعد الذبح: «اللهم تقبل هذه من أمة محمد» (٤)، وذكر في «المبسوط» (٥): ولا ينبغي أن يذكر مع اسم الله تعالى غيره إذا أراد أن يدعو فيقول: تقبل من فلان. ينبغي أن يقدم ذلك على فعل الذبح، أو يؤخره عنه، فأما مع الذبح فلا يذكر غير اسم الله تعالى، وهو تأويل الحديث أن النبي -عليه السلام- لما ضحى عن أمته قال: «هذا عمن شهد لي بالبلاغ إلى يوم القيامة» (٦) إنما قال بعد الذبح لا معه؛ لأنه دعاء وسؤال، وذلك لأن الشرط تسمية الله تعالى على الخلوص عند الذبح، وما يكون من الدعاء ينبغي أن يكون قبل الذبح أو بعده، كما روي أن النبي -عليه السلام- كان إذا أراد أن يذبح أضحيته قال: «اللهم هذا منك ولك، صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين، باسم الله والله أكبر» (٧)، ثم ذبح، وهكذا عن عليٍّ -رضي الله عنه- (٨)، ولو قال: الحمد لله، أو سبحان الله يريد التسمية حَلَّ.


(١) في (ع): «الموازن».
(٢) ينظر: المحيط البرهاني: ٦/ ٨١.
(٣) ينظر: تبيين الحقائق: ٥/ ٢٨٨، ٢٨٩.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه: ٣/ ١٥٥٧، كتاب الأضاحي، باب استحباب الضحية، وذبحها مباشرة بلا توكيل، والتسمية والتكبير، رقم الحديث: ١٩٦٧.
(٥) ينظر: المبسوط: ١١/ ٢٢٨.
(٦) ورد الحديث عن عدد من الصحابة، ومنه حديث جابر بن عبد الله، قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتي بكبشين أملحين أقرنين عظيمين موجوءين، فأضجع أحدهما، وقال: «باسم الله، والله أكبر، اللهم عن محمد، وآل محمد»، ثم أضجع الآخر، وقال: «باسم الله، والله أكبر، اللهم عن محمد، وأمته من شهد لك بالتوحيد، وشهد لي بالبلاغ». أخرجه البيهقي في «الكبرى»: ٩/ ٢٦٨، كتاب الذبائح، باب الرجل يضحي عن نفسه وأهل بيته، وأخرجه أبو يعلى في مسنده: ٣/ ٣٢٧، برقم: ١٧٩٢.
قال الألباني: وإسناده حسن، رجاله ثقات رجال مسلم، غير ابن عقيل، وفيه كلام لا ينزل به حديثه عن رتبة الحسن. ينظر: إرواء الغليل: ٤/ ٣٥١.
(٧) أخرجه أبو داود في سننه: ٣/ ٩٥، كتاب الضحايا، باب ما يستحب من الضحايا، رقم الحديث: ٢٧٩٥. وأخرجه ابن ماجه في سننه: ٢/ ١٠٤٣، كتاب الأضاحي، باب أضاحي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، رقم الحديث: ٣١٢١. وقال الألباني: ضعيف. ينظر: في صحيح وضعيف سنن أبي داود، رقم الحديث: ٢٧٩٥.
(٨) يشير إلى الحديث الموقوف عن علي بن أبي طالب: صلى عليٌّ -رضي الله عنه- العيدَ في الجبانة، ثم استقبل القبلة بكبشين، ثم قال: «وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين، باسم الله، والله أكبر، ثم ذبحهما وقال: اللهم منك ولك، اللهم تقبل». أخرجه الطبراني في «الدعاء»: ١/ ١٢٤٦، باب القول عند نحر الأضحية، برقم: ٩٥٠.