للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخلاف الإبل فالسنة فيها النحر، وهذا لأن موضع النحر من البعير لا لحم عليه (١)، وما سوى ذلك من حلقه عليه لحم غليظ، فكان النحر في الإبل أسهل، وأما في البقر فأسفل الحلق وأعلاه [سواء] (٢) في اللحم عليه سواء، كما في الغنم، فالذبح فيه أيسر، والمقصود به: تسييل الدم، والعروق من أسفل الحلق إلى أعلاه، فالمقصود به يحصل بالقطع في أي موضع كان منه، فلهذا حل.

(وهي بمعنى في غيره) أي: الكراهة لمعنى في غير الذبح، وهو ترك السنة.

(أشعر الجنين) أي (٣): نبت شعره، مثل أعشب المكان.

وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله (٤): إذا تم خلقه أكل.

وفي «الذخيرة» محالاً إلى «المنتقى» قال محمد في الجنين إذا لم يتم خلقه (٥): لا يؤكل، وإن تم أكل؛ أشعر أو لم يشعر.

وفي النوازل: رجل له شاة حامل، فأراد ذبحها إن تقاربت الولادة (٦) يكره ذبحها؛ لأن فيه تضييعًا لما في بطنها من غير فائدة، وهذا التفريع إنما يتأتى على قول أبي حنيفة (٧).

وفيه أيضًا الجنين إذا خرج حيًّا ولم يكن من (٨) الوقت مقدار ما يقدر على ذبحه، فمات يؤكل، وهذا التفريع على قول أبي يوسف ومحمد لا على قول أبي حنيفة (٩) (١٠).

وفي «المبسوط» (١١): وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي [رحمهما الله] (١٢): يؤكل إلا أنه روي عن محمد قال: إنما يؤكل الجنين إذا أشعر وتمت خلقته، فأما قبل ذلك فهو بمنزلة المضغة فلا يؤكل.

واحتجوا بقوله تعالى: {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} (١٣)، وقيل: الفرش الصغار (١٤) من الأجنة. والحمولة: الكبار، فقد منَّ الله تعالى على عباده بإباحة أكل ذلك لهم، وفي المشهور أن النبي -عليه السلام- قال: «ذكاة الجنين ذكاة أمه» (١٥)، معناه: ذكاة الأم نائبة عن ذكاة الجنين، كما يقال: لسان الوزير [لسان الأمير] (١٦)، وبيع الوصي بيع اليتيم، فالجرح في الأم ذكاة له عند العجز عن ذكاته، كما في الصيد، يعني: أن الذكاة تنبني على الوسع حتى يكون في الأهل بالذبح في المذبح، فإذا ند فبالجرح في أي موضع أصابه (١٧)؛ لأن ذلك وسع مثله، والذي في وسعه في الجنين ذبح الأم؛ لأنه ما دام مجنيًا في البطن لا يتأتى فيه فعل الذبح مقصودًا، وبعد الإخراج لا يبقى حيًّا، فيجعل ذكاة الأم ذكاة له؛ لأن تأثير ذبح الأم في زهوق الحياة عن الجنين فوق تأثير الجرح يحل رجل الصيد، والغالب هناك السلامة، وهاهنا الهلاك، ثم اكتفى بذلك الفعل هناك؛ لأنه وسع مثله فهاهنا أولى.


(١) في (ع): «له».
(٢) زيادة من: (ع).
(٣) ينظر: شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم: ٦/ ٣٤٨٨، الصحاح: ٢/ ٦٩٩.
(٤) ينظر: الهداية: ٤/ ٦٧.
(٥) ينظر: المحيط البرهاني: ٦/ ٧٥، ٧٦.
(٦) في (ع): «المدة».
(٧) ينظر: المحيط البرهاني: ٦/ ٧٦.
(٨) في (ع): «في».
(٩) في (ع): «رحمهم الله».
(١٠) ينظر: المحيط البرهاني: ٦/ ٧٥.
(١١) ينظر: المبسوط: ١٢/ ٦.
(١٢) ساقطة من: (ع).
(١٣) سورة الأنعام، من الآية: ١٤٢.
(١٤) في (ع): «الأصغر».
(١٥): صحيح أخرجه أبي داود في سننه: ٣/ ١٠٣، كتاب الضحايا، باب ما جاء في ذكاة الجنين، رقم الحديث: ٢٨٢٨. وأخرجه الترمذي في سننه: ٤/ ٧٢، كتاب أبواب الأطعمة، باب ما جاء في ذكاة الجنين، رقم الحديث: ١٤٧٦. وقال الألباني: صحيح. ينظر: صحيح الجامع الصغير وزيادته: ١/ ٦٤٥، وقال الألباني أيضًا: صحيح. ينظر: إرواء الغليل: ٨/ ١٧٢.
(١٦) زيادة من: (ع).
(١٧) ندَّ: نفر وانفرد، ينظر: العين (ندَّ) ٨/ ١٠.