للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَوَجَبَ مِثْلُهُ لِرَبِّ الثَّوبِ عَلَى الرَّاهِنِ (١) أي: مثل ما تم الاستيفاء بالهلاك وهو مقدار الدين، لا أن يكون معناه: مثل قيمة الثوب لو كان قيمة الثوب أكثر، لما أن ما زاد على قدر الدين عند الهلاك يهلك أمانة إذا وافق المستعير لما شرطه المعير، والكلام فيه؛ لأنه ذكر في الإيضاح: فإن هلك في يد المرْتَهِنِ، وقد رهن (٢) على الوجه الذي أذن فيه ضمن الرَّاهن للمعير قدر ما سقط عنه بهلاك الرهن من الدين؛ لأنَّ الضَّمان وجب باعتبار الاستيفاء، والمعير بمنزلة رجل أذن لآخر بأن يقضي دينه من وديعة عنده فيما قضى صار مضمونًا عليه، وما لم يقض فهو أمانة في يده (٣).

[فإن (أَرَادَ المُعِيرُ أَنْ يَفتَكَّهُ جَبْراً (٤) عَن الرَّاهِنِ (٥) أي: نيابة عن الرّاهن] (٦) (عَلَى مَا بَيَّناه (٧) وهو قوله: (لأَنَّهُ صَارَ قَاضِياً دَينَهُ بِمَالِهِ (٨) (٩).

وقوله: (لِمَا بَيَّنَا (١٠) راجع إلى هذا أيضاً، ولهذا يرجع على الراهن بما أدى، وههنا قيد ملازم (١١) ذكره فإن قوله: (يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ (١٢) بما أدى غير مجري على إطلاقه، بل معناه يرجع على الراهن بما أدى إذا كان ما أداه بقدر الدين لا ما أكثر منه من قيمة الثَّوب (١٣)؛ لأنَّه ذكر في الإيضاح، وفتاوى قاضي خان: فإن عجز الرَّاهن عن الافتكاك فافتكه المالك يرجع بقدر ما يهلك الدَّيْن به [ولا يرجع بأكثر من ذلك. بيانه إذا كانت قيمة الرهن ألفاً فرهنه بألفين فافتكه المالك بألفين رجع بقدر مايهلك الدَّين به]، (١٤) وهو الألف ولا يرجع بأكثر من ألف؛ لأنه لو هلك الرهن لم يضمن الرَّاهن للمعير أكثر من ذلك فكذلك (١٥) إذا افتكه كان متبرعًا بالتدبير (١٦) (١٧).


(١) بداية المبتدي (٢٣٦).
(٢) وفي (ب) (هلك).
(٣) يُنْظَر: بدائع الصنائع (٦/ ١٣٧)، تبيين الحقائق (٦/ ٨٦)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٧١)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٣١).
(٤) جبراً: أي نيابة، ولعله من الجبران، يعني: جبرانا لما فات عن الراهن من القضاء بنفسه، لا من الجبر الذي معناه القهر. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٧١)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٣٢)، نتائج الأفكار (١٠/ ٢٠٤، ٢٠٥). وفي المَبْسُوط؛ للسرخسي (٢١/ ١٥٩): ولو كانت قيمته مثل الدين وأراد المعير أن يفتكه حين أعسر الراهن.
(٥) بداية المبتدي (٢٣٦).
(٦) سقط في (ب).
(٧) الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٩).
(٨) الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٩).
(٩) قال بدر الدين العيني: أي: لأن المستعير صار قاضيا لدينه بمال الغير بهذا القدر. البناية شرح الهداية (١٣/ ٣١).
(١٠) الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٠).
(١١) وفي (ب) (لازم) وهي الصواب، وجاءت هكذا في نتائج الأفكار.
(١٢) الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٩).
(١٣) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٧١)، نتائج الأفكار (١٠/ ٢٠٥، ٢٠٦).
(١٤) زيادة في (ب).
(١٥) وفي (ب) (فلذلك).
(١٦) وفي (ب) (بالزيادة) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وجاءت هكذا في نتائج الأفكار.
(١٧) يُنْظَر: فتاوى قاضي خان (٣/ ٦٠٤، ٦٠٥)، بدائع الصنائع (٦/ ١٣٧)، نتائج الأفكار (١٠/ ٢٠٦).