للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحاصله أنَّ ضمان الغصب إذا تقرر وجب الملك، فإذا اعتبرنا جنايته على المغصوب منه (١) و (٢) استقر الضمان على الغاصب يثبت الملك له من وقت الغصب، فتبين أن العبد جنى على غير مالكه فلهذا اعتبر، فأما ضمان الرهن وإن تقرر على المرتهن لا يوجب الملك له في العين فلا يتبين به إن جنايته كانت على غير مالكه؛ فلهذا كان هدراً فصار الحاصل: أن المرهون من حيث إنَّه مضمون المالية كالمغصوب ومن حيث إن عينه أمانة كالوديعة فلِاعتبار (٣) أنَّه كالأمانة من وجه تجعل جنايته على المالك هدرا، ولِاعتبارِ (٤) أنَّه كالمغصوب من وجه تجعل جنايته على الظاهر (٥) هدراً. (٦)

(وَفِي الِاعْتِبَارِ فَائِدَةٌ وَهُوَ دَفْعُ العَبْدِ إِلَيْهِ بِالجِنَايَةِ فَتُعْتَبَرُ (٧) وإن كان يسقط حقه في الدَّين ولكن بضمان الدين ما كان يثبت له ملك العين، فربما يكون له في ملك العين غرض (٨) صحيح فيستفيد ذلك باعتبار الجناية، وربما يكون بقاء الدين مع التزام الفداء (٩) أنفع له، ففي إثبات الخيار له توفير النظر عليه، وبه فارق ما لو جنى على مال المرْتَهِنِ؛ لأنَّه لا منفعة للمرتهن في اعتبار تلك الجناية، فإنَّه لا يستحق بها الملك، ولكن المستحق بالدين مالية العبد يباع فيه، وذلك مستحق له بدينه [فلا فائدة] (١٠) في اعتبار جنايته على ماله فلهذا لا تعتبر (١١).


(١) على أصل أبي حنيفة؛ أن جناية العبد المغصوب على المغصوب منه، أو على ماله معتبرة، وعند أبي يوسف، ومحمد بن الحسن جنايته هدر.
يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (٢٧/ ٥٥)، بدائع الصنائع (٦/ ١٦٧)، تبيين الحقائق (٦/ ٩١)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٣١١).
(٢) وفي (ب) (أو).
(٣) وفي (ب) (فلا اعتبار).
(٤) وفي (ب) (ولا اعتبار).
(٥) وفي (ب) (الضامن) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المَبْسُوط.
(٦) المَبْسُوط؛ للسرخسي (٢١/ ١٧٩).
(٧) الهداية شرح البداية (٤/ ١٥١).
(٨) وفي (ب) (عوض).
(٩) الفداء في اللغة: إقامة الشيء مقام الشيء، أو انفكاك الشيء بعوض، يقال: فداهُ، يفديهِ، فداءً؛ إذا أعطى فداءه فأنقذه، أو أعطى مالاً، وأنقذ رجلاً. واصطلاحاً: إطلاق القاتل، أو وليه، وقبول الدية.
يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (٢/ ١٢٧)، المطلع (٢٥٧)، لسان العرب (١٥/ ١٥١)، المصباح المنير (٢/ ٤٦٥)، القاموس المحيط (١٧٠٢).
(١٠) سقط في (ب).
(١١) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٧٩)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٣٧).