للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(المُرتَهِنُ مُتَطَوِّعٌ فِي الوَجْهَينِ (١)؛ (٢) لأن نصف الرَّاهن (٣) أمانة في يد المرْتَهِنِ كالوديعة، والمودع إذا أفدى (٤) الوديعة من الجناية كان متطوعًا فيه، وهذا [لأنَّه] (٥) شيء يلتزمه (٦) باختياره من غير أن يكون مضطراً إليه أو مجبراً عليه، ففي النِّصف الذي هو أمانة ليس للمرتهن ملك العين ولا حق استيفاء الدين من المالية.

وأبو حنيفة -رحمه الله- يقول: المرتهن أَحَدُ من يخاطب بالفداء في هذه الحالة فلا يكون متبرعًا فيه كالراهن؛ وهذا لأنَّ الراهن إنَّما لم يكن متبرعًا؛ لأنَّه قصد بالفداء إحياء حقه؛ لأنه لا يتوصل إلى جنس العين واستدامة اليد [عليه] (٧) بحكم الرهن إلا بالفداء ثم [في] (٨) ظاهر الرواية قال: هذه الحاجة له (٩) عند غيبة الراهن، فأما عند حضوره (١٠) [الراهن] (١١) هو يتمكن من استطاع (١٢) رأيه (١٣) والمطالبة بالمساعدة منه (١٤): إما على الفداء أو على الدفع، وفي حال غيبة الراهن يعجز عن ذلك فيكون محتاجاً إلى الفداء، فلهذا لم يكن في الفداء متطوعًا عند حاجته إليه وهو بمنزلة أحد المشترين إذا قضى البائع جميع الثمن والآخر غائب لا يكون متطوعًا في نصيب صاحبه (١٥)، بخلاف ما إذا كان حاضراً هذا كله من المَبْسُوط (١٦).

(فَأَشبَهَ الإِيثَارَ (١٧) بِالإِسْتِيفَاءِ (١٨) الحَقِيقِيِّ (١٩).


(١) الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٤).
(٢) في الوجهين: أي الحضور والغيبة. البناية شرح الهداية (١٣/ ٤٧).
(٣) وفي (ب) (الرهن)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٤) وفي (ب) (فدى).
(٥) سقط في (ب).
(٦) وفي (ب) (التزمه).
(٧) زيادة في (ب).
(٨) سقط في (ب).
(٩) وفي (ب) (به).
(١٠) وفي (ب) (حضرة)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(١١) زيادة في (ب).
(١٢) وفي (ب) (استطلاع) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(١٣) كذا في (أ) و (ب)، والصواب (دائنه) والسياق يقتضيها كما في المَبْسُوط.
(١٤) وفي (ب) (معه)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(١٥) وفي (ب) (حاجته).
(١٦) يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (٢١/ ١٨٣، ١٨٤).
(١٧) الإيثَارُ: هو تقديم وتفضيل غيره على نفسه في النفع له والدفع عنه. قال الأَصمعي: آثَرْتُك إِيثاراً أَي فَضَّلْتُك.
يُنْظَر: لسان العرب (٤/ ٧)، التعريفات؛ للجرجاني (٥٩)، الكليات (٤٠)، المعجم الوسيط (٦).
(١٨) وفي (ب) (بالإيفاء)، وهي الصواب، حيث جاءت هكذا في الهداية.
(١٩) الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٤).