للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: أمَّا الجواب عن المعنى فهو: ما ذكرنا (١) من تفسير تعليل الكتاب وهو أنَّ القبض بالعقد إنما يوجب الضمان في الرهن إذا بقي الدين مع القبض لا (٢) ضمان الرهن حكم ثابت بعلة ذات وصفين وإذا انعدم أحدهما لم يبق الضمان وههنا لم يبق الدين فلا يبقى الضمان وإن بقي القبض.

وأمَّا الجواب عن مسائل البيوع فهو: أنَّ المبيع مضمون على المشتري [بعد الفسخ] (٣) بالثمن كما كان مضمونًا على البائع المبيع بالثمن، وضمان الثمن قائم على البائع ما بقي المشتري في يده فيبقى الضمان، فأما ههنا ضمان الرهن ضمان دين وقد زال الدين من كل وجه فلا يبقى الضمان.

وأمَّا الجواب عن الرهن بدين مظنون فهو: أنَّ الضمان ثمة [ثبت] (٤) باعتبار جهة الرهن؛ لأنَّ الرهن حصل بدين يتوهم وجوبه للحال وبتصادقهما على أن لا دين لا يزول التَّوهم لجواز أن يتصادقا على القيام، وإذا بقي التوهم بعد التَّصادق بقيت الجهة، فأمَّا بعد الهبة والإبراء سقط الدين أصلاً وزال توهم الوجوب فلا يبقى الرهن ولا الجهة.

وأمَّا الجواب عن القياس على الاستيفاء الحقيقي: فمذكور في الكتاب (٥) على وجه الفرق بين الإبراء والاستيفاء وهو أن (بِالاسْتِيفَاءِ لا يَسْقُطُ (٦) الدين بل يتقرر وبهذا (٧) جاز الإبراء عن الثمن بعد الاستيفاء، فإذا بقي الدين (٨) حكماً بقي ضمان الرهن وبهلاك الرهن يصير مستوفياً أيضاً فتبين أنه استوفى مرتين فيلزمه رد أحدهما، وأمَّا (بالإِبْرَاءِ فَيَسْقُط الدَّينُ (٩) فلا يبقى الضمان مع (١٠) انعدام أحد المعنيين هذا كله مما أشار إليه في المَبْسُوطين (١١).

(وَلَم يَبْقَ الدَّينُ بِالإِبْرَاءِ (١٢) (السقوط (١٣) (١٤) قيدنا بسقوط (١٥) احترازاً عن عدم بقاء الدين بالاستيفاء؛ لأنَّ هناك لا يسقط الدين بل ينتهي ويتقرر، إلا أنَّه لا يمكن المطالبة لأدائها إلى الدَّوْرِ (١٦) فلما تقرر الدين في صورة الاستيفاء كان هلاك (١٧) الرهن في صورة الاستيفاء بمنزلة هلاكه حال قيام الدين من كلِّ وجه ولو هلك حال قيام الدين كأن يتم الاستيفاء بهلاكه (١٨).


(١) وفي (ب) (ما ذكرناه).
(٢) وفي (ب) (لأن)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٣) سقط في (ب).
(٤) زيادة في (ب).
(٥) أي: في كتاب الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٧).
(٦) الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٧).
(٧) وفي (ب) (ولهذا).
(٨) وفي (ب) (الرهن).
(٩) الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٧).
(١٠) وفي (ب) (بعد).
(١١) يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (٢١/ ٩٠، ٩١).
(١٢) الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٧).
(١٣) الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٧).
(١٤) وفي (ب) (لِسُقُوطِهِ)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في الهداية.
(١٥) وفي (ب) (قيد بالسقوط)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(١٦) الدَّور: مصدر دار يدور دَوْراً ودَوَراناً. إذا طاف الشيء بالشيء، وإِذا عاد إِلى الموضع الذي ابتدأَ منه.
يُنْظَر: جمهرة اللغة (٢/ ٦٤١)، المطلع (٢٩٤)، لسان العرب (٤/ ٢٩٦).
(١٧) كذا في (أ) وهي مثبتة في هامش (ب).
(١٨) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٣/ ٥٩).