للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبهذا يعلم أنَّ ما ذكره في الكتاب (١) من أنَّه لا حظَّ للزَّوجين في القصاص والدية عند مالك والشَّافعي رحمهما الله مخالف لرواية المبسوط والإيضاح والأسرار (٢).

ولنا أنَّ المرأة تساوي الرجل في الولاية الثابتة (٣) لحق (٤) الملك وإنما تفارقه فيما يثبت من الولاية على الغير نظراً لها لنقصان عقلها ولما ثبت للمرأة ضرب ملك حتى ملكت العفو والصلح يثبت بها (٥) ولاية الاستيفاء.

وقوله: أنَّها ليست من أهل القتل.

قلنا: أنَّها إن لم تقدر وكَّلت فإنَّها من أهل التَّوكيل، والَتّوكيل بالاستيفاء صحيح ثم قال: وقال بعض النَّاس: لا حق للنساء في القصاص وبدله؛ لأنَّه يجب بعد الموت [والنكاح منقطع] (٦) (٧).

قلت: وما ذكره في الأسرار بقوله: وقال الشَّافعي -رحمه الله- لا حظ للنساء في استيفاء القصاص؛ لأنَّ المرأة ليست من أهل القتل لضعفهنَّ إلى آخره من الرواية (٨).

والتعليل يدل على أنه ليس للنساء أجمع من الأم والبنت والأخت وامرأته حق في القصاص استيفاء عند الشافعي -رحمه الله- قوله -رحمه الله-: (لَهُمَا (٩): أَنَّ الوِرَاثَةَ خِلَافَةٌ وَهِيَ بِالنَّسَبِ دُوْنَ السَّبَبِ لِانْقِطَاعِهِ بِالمَوْتِ (١٠) أي: لانقطاع السبب بالموت (١١).

فإن قلت: هذا التعليل يقتضي أن لا يرث الزوجان كل واحد منهما من الآخر المال أيضاً؛ (١٢) لأنَّ السَّبب كما ينقطع بالموت في حق التَّوَارُث في الدية فكذلك ينقطع في حق التوارث في سائر الأموال أيضاً ومع ذلك يرث أحدهما الآخر المال بالاتفاق علم أنَّ هذا التَّعليل غير مستقيم (١٣).


(١) أي: في الهداية شرح البداية (٤/ ١٦٧) بقوله: وَأَصْلُ هَذَا: أَنَّ القِصَاصَ حَقُّ جَمِيْعِ الوَرَثَةِ، وَكَذَا الدِّيَةَ خِلَافاً لِمَالِكٍ والشَّافِعِيِّ فِي الزَّوجَيْنِ.
(٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ١٥٧). قال البابرتي في العناية (١٥/ ١٨٢): وهي مؤاخذة ضعيفة لأنه لا يلزم من المخالفة لها عدم صحة ما نقله، وأما المشهور من مذهبهما ما نقله.
(٣) وفي (ب) (الثانية).
(٤) وفي (ب) (بحق)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٥) وفي (ب) (لها).
(٦) زيادة في (ب).
(٧) يُنْظَر: تبيين الحقائق (٦/ ١١٤)، الفقه على المذاهب الأربعة (٥/ ١٣١).
(٨) يُنْظَر: تبيين الحقائق (٦/ ١١٤)، الفقه على المذاهب الأربعة (٥/ ١٣١).
(٩) أي: لمالك والشافعي -رحمهما الله-.
(١٠) الهداية شرح البداية (٤/ ١٦٧، ١٦٨).
(١١) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٣/ ١٢٢).
(١٢) وفي (ب) (الزوجان أحدهما من الآخر المال أيضا).
(١٣) وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى مِيرَاثَ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَل: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} سورة النساء من الآية (١٢).