للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَاخْتَلَفَا قَبْلَ السَّنَةِ فِيمَا سَقَطَ بِضَرْبِهِ (١) أي: اختلفا في سبب السقوط قبل مضي السَّنة فقال المضروب: إنَّما سقطت سِنِّي بسبب ضربك وقال الضَّارب: لا بل سقطت بضربة غيري فإن كان سقوطها قبل مضي السَّنة (فَالقَولُ للمَضْرُوبِ (٢) وإن سقطت بعد السَّنة فالقول للضَّارب.

وقوله: (فَالقَولُ للمَضْرُوبِ (٣) (لِيَكَون التَّأْجِيلُ مُفِيداً (٤) معنى أنَّ التَّأجيل إنَّما كان لظهور عاقبة الأمر فلو لم يقبل قول المضروب كان التَّأجيل وعدمه سواء.

(وَهَذَا بِخِلافِ إِذَا شَجَّهُ مُوضِحَةً فَجَاءَ وَقَدْ صَارَتْ مُنَقِّلَةً فَاخْتَلَفَا (٥) أي: المشجوج (٦) للضَّارب صارت مُنقلة من ضربتك وأنكر الضَّارب.

وذكر في «المبسوط» الاختلاف في اسوِدَاد السنِّ فقال: وإن قال الضَّارب: قد اسْودَّت من ضربة حدثت فيها بعد ضربتي وكذَّبه المضروب فالقول قول المضروب مع يمينه إلا أن يقيم الضَّارب البيِّنة على ما ادَّعى (٧).

والأصح أنَّ القول قول الضَّارب في القياس؛ لأنَّه ينكسر السبب الموجب للضَّمان فإنِّ الضَّربة بنفسها لا توجب عليه الضَّمان ما لم يكن سواد السن بتلك الضَّربة فإنكاره حدوث السَّواد بها كإنكاره أصل الضَّربة فيكون القول قوله في ذلك.

وعلى المضروب إثبات ما يدعي بالبينة وفي الاستحسان القول قول المضروب؛ لأنَّ الموجب للضَّمان على الضَّارب فعله فقد عرفنا حلول فعله بهذا المحل، وما يظهر عقيب السبب يحال به عليه ما لم يعلم غيره؛ لأنَّ الظَّاهر شاهد للمضروب ولأنَّ ما يَدَّعِيه الضَّارب من ضربة أخرى من غيره لم تظهر فالقول قول من يشهد له الظَّاهر مع يمينه إلا أنَّ يقيم الضَّارب بينة على ما ادَّعى من ضربة أخرى (٨).


(١) بداية المبتدي (٢٤٦).
(٢) بداية المبتدي (٢٤٦).
(٣) بداية المبتدي (٢٤٦).
(٤) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٧).
(٥) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٧).
(٦) كذا في (أ)، والعبارة غير مستقيمة، ولعل الصواب (وقال المشجوج) كما في البناية (١٣/ ٢٠٩).
(٧) يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (٤/ ٤٦٦)، المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ٩٨).
(٨) قال ابن نجيم الحنفي: وفي المُنْتَقَى في البَابِ الأَوَّلِ من الجِنَايَاتِ رِوايَةُ الحَسَنِ عن أبي حنِيفَةَ في عَينِ هذه الصُّورةِ أنَّ القَوْلَ قَولُ الضّارِبِ وَلَيسَ هذا في شَيءٍ من الجِنَايَاتِ إلّا في السّنِّ لِلْأثَرِ. يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (٨/ ٣٤٨).