للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إنَّ محمداً -رحمه الله- أوجب كمال الأرش باسوداد السنِّ ولم يفصل بين أن يكون السن من الأضراس التي لا ترى أو من العوارض التي ترى قالوا: ويجب أن يكون الجواب فيها على التَّفصيل إن كان السن من الأضراس التي لا ترى إن فات منفعة المضغ بالاسوداد يجب الأرش كاملاً، وإن لم تفت منفعة المضغ يجب فيه حكومة عدل؛ لأنَّ منفعته قائمة وجماله ليس بظاهر فهو كَثَنْدُوَةِ (١) الرجل فيجب فيه حكومة عدل وإن كان السن من العوارض يرى ويظهر من الإنسان يجب كمال الأرش بالاسوداد وإن لم تفت منفعة؛ لأنَّه فوَّت جمالاً ظاهراً على الكمال هذا كله من «الذَّخيرة» (٢).

(وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: عَلَيْهِ أَرْشُ الأَلَمِ وَهُوَ حُكُومَةُ عَدْلٍ (٣).

وفي «شرح الطَّحاوي» وروي عن أبي يوسف -رحمه الله- أنَّه قال: يجب فيه حكومة الألم (٤).

ثم قال: فيه، أي: أجر العلاج وأجر الطبيب (فَصَارَ كَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِن مَالِهِ (٥)، أي: فصار كأن الضَّارب أخذ ذلك القدر من مال المضروب وأعطاه إلى الطبيب.

(إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ -رحمه الله- يَقُولُ: إِنَّ المَنَافِعَ عَلَى أَصْلِنَا لا تَتَقَوَّمُ (٦) هذا جواب عن قولهما وهو قوله: (فَالأَلَمُ الحَاصِلُ مَا زَالَ فَيَجِبُ تَقْوِيْمُهُ) وقوله: (إِنَّمَا لَزِمَهُ أَجْرُ الطَّبِيبِ (٧) فقال: فتحمل الألم من المنافع وكذلك معالجة الطَّبيب والمنافع إنَّما تُتقوَّم بالعقد كما في عقد الإجارة الصحيحة والمضاربة الصحيحة أو بشبه العقد كما في الإجارة الفاسدة والمضاربة الفاسدة (٨) (وَلَمْ يُوجَدْ) أحدهما (فِي حَقِّ الجَانِي فَلا يَغْرَمُ شَيْئاً (٩).


(١) في هامش (أ) تعليق نصّه: «بفتح أوله لحم الثدي أو أصله كذا في القاموس».
يُنْظَر: القاموس المحيط (٣٤٥).
(٢) يُنْظَر: تبيين الحقائق (٦/ ١٣٧، ١٣٨)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٣٤٦، ٣٤٧)، نتائج الأفكار (١٠/ ٣٢٣)، مجمع الأنهر (٤/ ٣٥٥).
(٣) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٧).
(٤) يُنْظَر: بدائع الصنائع (٧/ ٣١٦)، الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٧).
(٥) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٧).
(٦) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٧).
(٧) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٧).
(٨) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٠٦)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٢١١).
(٩) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٧).