للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت ما الفرق بين هذا وبين البيع بشرط الخيار في حق وطأ الثيب فإن الوطئ هناك كان فسخًا للبيع وهنا لا يكون اختيارًا للفداء ما لم يُعَلق.

قلتُ الفرق بينهما من حيث أن هناك لو لم يجعله فاسخًا العقد بالوطئ لكان إذا اختار العقد ملكها المشتري من وقت العقد، ولهذا استحق زوائدها فيتبين به أن الوطئ حصل في غير ملكه فللتحرز

عن هذا جعلناه فاسخًا، وهنا إذا دفعها (١) بالجناية يملكها ولي الجناية من وقت الدفع، ولهذا لا يسلم له شيء من زوائدها فلا يتبين (٢) به أن الوطئ كان في غير ملكه.

وبخلاف الاستخدام يعني لو استخدم العبد الجاني بعد العلم بالجناية لا يكون مختارًا للفداء حتى لو عطب في الخدمة لا ضمان عليه؛ وذلك لأن الاستخدام لا يختص بالملك فلم يدل على الاختيار.

وكذلك لو كان عليه دين فاستخدمه المولى لم يضمن (٣) للغرماء ولا يصير مختارًا بالإجارة والرهن في الأظهر؛ هذا احتراز عما ذكر في بعض نسخ الأصل أنه يكون مختارًا في الرهن والإجارة؛ لأنه أثبت عليهما يدًا مستحقة فصار كالبيع.

وجه ظاهر الرواية أن الإجارة تنتقض بالعذر فيكون قيام حق ولي الجناية فيها عذرًا في نقض الإجارة؛ والراهن يتمكن من قضاء الدين واسترداد الرهن متى شاء؛ فلم يتحقق عجزه عن دفعها بهذين الفعلين فلا يجعل ذلك اختيارًا وكذا الإذن (٤) في التجارة.

وإن ركبه دين أي لم يَصِرْ المولى مختارًا للفداء بالإذن في التجارة؛ لأن الدين لحقه من جهة المولى، ووجوب الدين في ذمَّة العبد [نقصان للعبد؛ لأن الغرماء يتبعون ولي الجناية إذا دفع العبد إليهم فيبيعونه بديونهم؛ لكن ذلك بسبب من جهة المولى وهو الإذن] (٥) فكان له أن يمتنع من قبوله ناقصًا؛ هذا كله من المبسوط (٦) والإيضاح (٧) والذخيرة (٨).


(١) في (ج): جعلناه؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) في (ب): يعلم؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٣) في (ج): فيضمن؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٤) الإذن لغة: الإطلاق والإباحة، وأذن له في الشرع: أباحه له، واصطلاحًا: الإطلاق في حق التجارة بإسقاط الحجر عنه. ينظر: القاموس المحيط (٤/ ١٩٧)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٠٤).
(٥) ساقطة من (أ)؛ وإثباتها من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٦) ينظر: المبسوط (٢٦/ ٢١).
(٧) ينظر: العناية (١٠/ ٣٤٤)، البناية (١٣/ ٢٨٦).
(٨) ينظر: العناية (١٠/ ٣٤٤)، البناية (١٣/ ٢٨٦).