للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا بخلاف الدفع بالجناية؛ فإن الجانية إذا ولدت لا حق لأولياء الجناية في ولدها؛ لأن حقهم هناك في بدل المتلف وهو أرش الجناية أو في نفسها جزاءً على الجناية؛ ولكن ذلك ليس بحق متأكد [بدليل] (١) يمكن المولى من التصرف فيه كيف شاء بالبيع وغيره فلهذا لا يسري (٢) إلى الولد؛ وهنا حق الغرماء متأكد في ذمتها يتعلق بماليتها بصفة التأكد بدليل أنه لا ينفذ تصرف المولى فيها بالبيع والهبة ما لم يصل إلى الغرماء حقهم فيسري هذا الحق المتأكد إلى الولد؛ كذا ذكره في باب الدين يلحق المأذون من مأذون المبسوط (٣).

وذكر شيخ الإسلام في مبسوطه أن الدين حق مستقر في الأمَة حتى صار المولى ممنوعًا من بيعها وهبتها (٤) (٥)؛ فكان كحق الكتابة والتدبير (٦) لما كان حقًا مستقرًا في الرقبة سرى إلى الولد.

وكالأضحية إذا ولدت سرى إلى ولدها؛ لأنه ثبت للغير حق مستقر حتى صار صاحبها ممنوعًا من الانتفاع بها من حلبها وجز صوفها.

بخلاف القصاص فإنه لا يسري إلى الولد؛ لأن المستحق بالقصاص الروح لا الرقبة والولد يتولد من الرقبة لا من الروح.

أما الدين فإنه يتعلق برقبتها حتى صار المولى ممنوعًا من التصرف في رقبتها.

بخلاف الجناية فإنها لا تسري إلى الولد لأنه ليس لولي الجناية حق مستقر في العين حتى لم يصر المولى ممنوعًا من التصرف في العين بالبيع والهبة والاستخدام؛ فلذلك لم يسر إلى الولد كحق [الفقير] (٧) [في] (٨) قدر الزكاة بعد الحول؛ لأنه لما لم يمنع صاحب المال من التصرف لمْ يَسْرِ إلى الولد المتولد من مال الزكاة؛ إن الدين وصف حكمي فيها واجب في ذمتها متعلق برقبتها استيفاء.

فإن قلت لو كان الدين واجبًا في ذمتها متعلقًا برقبتها لما ضمن المولى قيمتها بالإعتاق.

وقد مر في المأذون وإذا أعتق المولى العبدَ المأذون وعليه ديون كان (٩) ضامنًا لقيمته للغرماء؛ فإتلاف المديون (١٠) غير موجب للضمان لرب الدين كما لو أتلف إنسان مديون غيره لا يضمن لرب الدين دَيْنَه؛ بل يضمن لولي القتيل دِيَته إذا كان القتل خطأ على ما مر آنفًا في قوله بخلاف ما إذا أتلفه أجنبي.


(١) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) في (ج): يسري؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٣) ينظر: المبسوط (٢٥/ ٥٥).
(٤) في (ج): نفعها؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٥) ينظر: المبسوط (٢٥/ ٥٥).
(٦) المدبر: عتق عبد عن دبر؛ وهو أن يعتق بعد موت صاحبه. ينظر: أنيس الفقهاء (١/ ٦٠)، طلبة الطلبة (ص/ ٧٢).
(٧) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٨) ساقطة من (أ)؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٩) في (ج): كان عليه؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(١٠) في (ج): المأذون؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.