للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلتُ وجوب ضمان قيمة العبد المديون على المولى إنما كان باعتبار تفويت ما تعلق به حقه مبيعًا واستيفاءً من ثمنه لا باعتبار وجوب الدين على المولى.

ألا ترى أن الغرماء يتبعون العبد بعد العتق بما بقي من ديونهم [لا المولى؛ ولو كان وجوب الدين على المولى لطالبوا المولى بجميع ديونهم] (١) كما يطالب مولى العبد الجاني إذا أعتقه بعد العلم بجنايته بجميع الدية؛ لما أنَّ حقَّ ولي الجناية واجب على المولى بالدَّفع أو بالفداء.

وأما إذا قتل إنسان مديونَ غيره إنَّما لا يضمن لرب الدين دينَه فللزوم الأقوى بمقابلة الأضعف؛ لأن القاتل لو ضمنه إنما يضمنه بحكم الملك؛ … أي: يتملك الدين الذي في ذمة المديون في ضمن ضمانه لرب الدين مثلَه؛ … فهو لا يصح لأن ما يؤدِّيه عين وما يتملكه وصف في الذمة والعين أقوى من الوصف، والمماثلة مرعيَّة في ضمان العدوان فلا يجب الأقوى بمقابلة الأضعف.

وأما وجوب الدية عليه لولي القتيل فبالشرع صيانة للدم عن الهَدْر فمعنى التملك فيه غير منظور إليه.

والسراية في الأوصاف الشرعية أي: سراية الحكم وتجاوزه من الأم إلى الولد إنما يكون في [الأوصاف الشرعية لا في] (٢) الأوصاف الحقيقية؛ فوجوب الدفع أثر الفعل الحقيقي فلذلك لم يَسرِ إلى الولد.

فإن قلتَ يشكل على هذا سراية وجوب الدفع إلى الأرش الذي أخذه المولى بسبب جناية جنى عليها حيث يدفع المولى ذلك الأرش معها إلى ولي الجناية الذي جنت الأمة في حقه؛ فلو كان عدم السراية إلى الولد باعتبار أن الدفع فعل حقيقي فلا يسري أثره لكان ينبغي أن لا يسري إلى الأرش أيضًا بالطريق الأولى لما أن الولد جزؤها وأرشها ليس بجزء منها؛ فلما لم يسر إلى جزئها باعتبار أنه أثر فعل حقيقي كان أولى أن لا يسري إلى ما هو ليس بجزء منها.

قلتُ لا كذلك بل يسري إلى الأرش ولا يسري إلى الولد لمعنى وهو أن حق ولي الجناية كان ثابتًا فيها بجميع أجزائها والأرش عوض عن الجزء الفائت فيها فيثبت حقه في عوض جزء منها أيضًا لما أن الجزء معتبر بالكل؛ فلما استحقها ولي الجناية عند الدفع كان مستحقًا لها بجميع أجزائها أصالة وعوضًا؛ وأرشها عوض جزئها فيستحقه أيضًا لذلك.

ألا ترى أنها لو قُتِلت وأخذ المولى قيمتها كان عليه دفع تلك القيمة إلى ولي الجناية فكذلك إذا أخذ عوضَ جزء منها؛ وأما الولد فليس بعوض منها ولا من جزئها فلا يستحقه ولي الجناية لذلك؛ إلى هذا أشار في باب جناية العبد من ديات المبسوط (٣).


(١) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٣) ينظر: المبسوط (٢٧/ ٣٧).