للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنه لما زعم أن مولاه أعتقه فقد ادَّعى الدية على العاقلة وأبرأ العبد؛ أي من كل الدية لا من قسطه في الدية.

وأبرأ المولى أيضًا فلا يقبل زعمه على العاقلة فلذلك لم تثبت الدية له أصلًا.

وحاصل هذا أن المجني عليه لما زعم أن الجاني حر كان زاعمًا أن موجب جنايته على عاقلته وأن رقبته غير مستحقة له وزعمه معتبر؛ فلذلك لم يكن له سبيل على أخذ العبد بعد هذا الإقرار.

وكذلك لا شيء له على المولى أيضًا لأنه لم يدَّعِ على المولى بعد الجناية إعتاقًا حتي يصير المولى به مختارًا للفداء أو مستهلكًا حق المجني عليه بالإعتاق.

وكذلك لا شيء [له] (١) على العاقلة بغير حجة وهو ظاهر.

ووضع المسألة في المبسوط فيما إذا جنى العبد جناية خطأ ثم أقرَّ المجني عليه أنه حر قبل الدفع إليه؛ وجعل في الكتاب الإقرار بالحرية قبل الجناية وهما لا يتفاوتان.

وأما لو أقر المجني عليه بعد الدفع إليه (٢) به فهو حر لأنه ملكه بالدفع وقد أقر بحريته فيعتق لإقراره؛ إلى هذا المجموع أشار في المبسوط.

إلى حالة معهودة أي معلومة (٣)، وصار كما إذا قال البالغ العاقل طلقت امرأتي وأنا صبي أو أقر رجل بأنه كان أقر وهو صبي لفلان بألف درهم؛ وقال المقَرُّ له بل أقررت بها لي بعد البلوغ فالقول قول المقِرِّ مع يمينه لأنه أضاف الإقرار إلى حالة معهودة تنافي الوجوب به.

فإن قول الصبي هدر في الإقرار والصبا حالة معهودة في كل أحد؛ فكان هو في المعنى منكرًا للمال لا مقِرًا به.

فإن قيل هو قد ادعى تاريخًا سابقًا في إقراره والمقَر له منكر لذلك التاريخ فينبغي أن يكون القول قوله.

قلنا المصير إلى هذا الترجيح بعد ثبوت أصل السبب ملزمًا؛ وإذا كان الإقرار في حالة الصبا غير ملزم أصلًا فلم يكن هو مدعيًا (٤) للتاريخ بالإضافة إليه بل يكون منكرًا لأصل المال عليه (٥)؛ كمن يقول لعبده أعتقتك قبل أن أُخْلق أو قبل أن تُخْلق؛ كذا في باب إضافة الإقرار إلى حالة الصغر من إقرار المبسوط (٦).

لما ذكرنا أراد به قوله لأنه منكر للضمان إلا الجماع والغَلة (٧) استحسانًا؛ بأن قال جامعتك وأنت أمتي [أو أخذت منك غلة عملك وأنت أمتي] (٨)؛ فقالت بل كان ذلك بعد العتق؛ فإن القول قول المولى الذي هو المقر.


(١) ساقطة من (أ)؛ وإثباتها من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٢) في (أ): الدية؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٣) ينظر: المبسوط (٢٧/ ٣٧).
(٤) في (ج): فلم يكن مدفوعًا؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٥) في (ب): إليه؛ وما أثبت من (أ) و (ج) لعله أقرب للصواب.
(٦) ينظر: المبسوط (١٨/ ٦٨).
(٧) الغلة: كل ما يحصل من ريع أرض أو كرائها أو أجرة غلام أو نحو ذلك. ينظر: المغرب (ص/ ٣٤٤).
(٨) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.