للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال محمد (١): لا يضمن إلا شيئًا بعينه يؤمر برده عليها (٢)؛ يعني لو كان أقر بأخذ شيء منها بعينه والمأخوذ قائم في يده واختلفا فيه على هذا الوجه أجمعوا (٣) في ذلك على أنه يرد ذلك عليها.

وفي الشيء القائم إلى آخره (٤) جواب عن هذه المسألة المجمع عليها؛ كما إذا قال فقأت عينك اليمنى وعيني اليمنى صحيحة ثم فقئت؛ يريد بهذا براءته عن ضمان العين قصاصًا وأرشًا؛ والمقر له يقول لا بل فقأتها وعينك اليمنى مفقوءة؛ يدعي وجوب نصف الدية عليه.

وحاصل هذا أن جنس العضو الذي أتلفه المتلف لو كان منه صحيحًا ثم سقط يسقط القصاص أيضًا؛ وهذا لأن حق المجني عليه [متحقق] (٥) متعين في القصاص بطريق الأصالة على ما مر من أصل أصحابنا أن موجب العمد القود (٦) على سبيل التعيين.

وله أن يعدل إلى المال وقبل أن يعدل الحق من القصاص إذا فات المحل بطل الحق؛ هكذا ذكر في الإيضاح (٧).


(١) محمد بن الحسن سبق ترجمته ص ١١٠.
(٢) ينظر: الهداية (٤/ ٤٨٩)، تبيين الحقائق (٦/ ١٥٨)، العناية (١٠/ ٣٤٩)، البناية (١٣/ ٢٩٣).
(٣) الإجماع: في اللغة العزم والاتفاق، وفي الاصطلاح: اتفاق المجتهدين في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -في عصر على أمر ديني، وهو على نوعين: ١) اجماع قولي: وهو أن يصرح كل مجتهد بالحكم، ٢) إجماع سكوتي: وهو أن ينطق بعض المجتهدين بالحكم ويسكت الباقون دون اعتراض عليه. ينظر: التعريفات (١٠)، معجم لغة الفقهاء (٤٤).
ومن الكتب التي تعرض للإجماع: كتب ابن المنذر بداية من كتابه الذي أرده لهذه المسألة، وأسماه (الإجماع) ثم (الإقناع)، ثم (الإشراف) و (الأوسط) الذي طبع مؤخرا بدار الفلاح مصر بصورة شبه كاملة. فهو: كان يهتم بذكر إجماع العلماء، كذلك كتب ابن عد البر: كالتمهيد، والاستذكار، والثاني اختصار للأول، كما اعتنى النووي: بذكر الإجماع في كتبه، وهناك كتاب لابن حزم يسمى مراتب الإجماع، ولابن تيمية: نقد له.
(٤) وَفِي الشَّيْءِ الْقَائِمِ أَقَرَّ بِيَدِهَا حَيْثُ اعْتَرَفَ بِالْأَخْذِ مِنْهَا ثُمَّ ادَّعَى التَّمَلُّكَ عَلَيْهَا وَهِيَ مُنْكِرَةٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ فَلِهَذَا يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ إلَيْهَا.
(٥) ساقطة من (ب) و (ج)؛ وإثباتها من (أ) هو الصواب.
(٦) القود: قتل النفس بالنفس، والقود القصاص؛ أقدت القاتل بالقتيل أي قتلته به. ينظر: لسان العرب (١١/ ٣٤٢)، معجم لغة الفقهاء (ص/ ٣٤٠).
(٧) ينظر: العناية (١٠/ ٣٥٠).