للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ذكر فيه في باب الجوارح الناقصة لو كانت يد القاطع صحيحة ثم شلت بعد القطع فلا حق للمقطوع في الأرش؛ لأن حقه ثبت ابتداء في يده من غير خيار؛ ولو ذهب الكل بآفة سقط حقه ولم ينتقل إلى الأرش فكذا إذا نقصت بآفة.

فإن قلت هذا الذي ذكرته حسن ولكن ذلك في غير العين من الأعضاء؛ أما في العين فلا قصاص سوى في إذهاب الضوء منها؛ فإنه لا يجب القصاص في فقأ (١) العين وتقويرها (٢)؛ لأنه ذكر في الكتاب في أوائل باب القصاص فيما دون النفس بقوله ومن ضرب عين رجل فقلعها لا قصاص عليه؛ وهكذا أيضًا ذكر في الإيضاح (٣) والذخيرة (٤).

وقال ولا قصاص في العين إذا قورت عمدًا أو انخسفت (٥)؛ وإنما يجب القصاص إذا كانت قائمة وذهب ضوءها.

وقال في المنتقى (٦) (٧) قال أبو حنيفة [ومحمد] (٨) رحمهم الله لا قصاص في قلع الحدقة (٩) وإنما القصاص في العين إذا ضربها فذهب ضوؤها (١٠).

قلتُ نعم كذلك إلا أنه ذكر في الذخيرة بعد ما ذكر هذه الروايات التي ذكرتها محيلًا إلى الأجناس أنه لو ضرب عين إنسان بإصبعه ضربة خفيفة فذهبت وقد تعمد ذلك ففيه القصاص (١١)؛ فيجوز أن يحمل ما ذكره في الكتاب على تلك الرواية.

وذكر في الذخيرة أيضًا محيلًا إلى الأصل إذا فقئت العين عمدًا فذهب نورها (١٢) ولم تنخسف ففيها القصاص؛ لأن اعتبار المساواة ممكن متى لم تنخسف العين بخلاف ما لو انخسفت العين (١٣)؛ فكان ما ذكره في الكتاب محمولًا على فقأ عين ذهب نورها من غير انخساف على ما ذكر في الذخيرة والله أعلم.


(١) في (ج): حق؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) القور: جعل في وسطه خرقًا مستديرًا كما يقور الثوب أو البطيخ. ينظر: معجم الصحاح (ص/ ٨٩١).
(٣) ينظر: بدائع الصنائع (٧/ ٣٠٨).
(٤) ينظر: بدائع الصنائع (٧/ ٣٠٨).
(٥) في (ب): وانخسفت؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٦) المنتقى في فروع الحنفية للحاكم الشهيد أبي الفضل محمد بن محمد بن أحمد المروزي، وفيه (نوادر من المذهب). ينظر: كشف الظنون (٢/ ١٨٥١)، الجواهر المضيئة (٢/ ١١٢).
(٧) ينظر: بدائع الصنائع (٧/ ٣٠٨)، البناية (١٣/ ٢٩٤).
(٨) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٩) حدقة العين: سوادها الأعظم. ينظر: الصحاح (٤/ ١٤٥٦)، معجم لغة الفقهاء … (ص/ ١٧٦).
(١٠) في (ج): إذا جنى بما يذهب ضوءها؛ وما أثبت من (أ) و (ب) قريب من معناه.
(١١) ينظر: البناية (١٣/ ٢٩٤).
(١٢) في (ب): ضوءها؛ وما أثبت من (أ) و (ج) قريب من معناه.
(١٣) ينظر: البناية (١٣/ ٢٩٤).