للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن وطأ المولى أمته المديونة لا يوجب الفقر؛ لأن حق الغرماء لا يتعلق بمنافع بُضْعِهَا (١) لأنها ليست بمال و كذلك أخذ الغلة؛ فإن المولى إذا ضرب على عبده غلة وهو مديون يصح؛ ولو أخذ لا يكون مضمونًا على المولى فكان منكرًا لا مقرًا كذا ذكره الإمام الكساني (٢) (٣):.

وإذا أمر العبد المحجور عليه صبيًا أي صبيًا حرًا؛ لأن هذا الحكم وهو وجوب الدية على عاقلة الصبي على تقدير القتل إنما يستقيم أن لو كان الصبي المأمور حرًا؛ إذ لو كان عبدًا كان مولاه

مخيرًا بين الدفع والفداء؛ ثم بعد الدفع أو الفداء يرجع مولى العبد القاتل على العبد المحجور الآمر بعد العتاق بقيمة عبده القاتل.

وحاصل هذا أن الآمر والمأمور بالقتل إما إن اتحد حالهما أو اختلف فكل منهما على وجوه؛ لأنه إن اتحد حالهما فلا يخلو إما أن كانا حُرَّين بالغين أو صبيين أو عبدين بالغين مأذونين أو محجورين (٤) أو مكاتبين.

وإن اختلف حالهما إما أن كان الآمر حرًّا كبيرًا والمأمور صبيًّا حرًّا أو عبدًا؛ أو كان الآمر عبدًا كبيرًا محجورًا أو [مأذونًا] (٥) والمأمور صبيًا حرًّا أو عبدًا؛ فإن كانا حرين بالغين بأن يأمر حر بالغ حرًّا بالغًا آخر بقتل رجل فقتله خطأ فإنه لا يرجع على الآمر بحال؛ لأنه لم يصح الأمر ولا يأتمر المأمور بأمر مثله خصوصًا في القتل.

وكذلك الآمر إذا كان بأي وصف كان بعد أن كان المأمور الحر مختارًا غير مكره في القتل لا يرجع [على الآمر وكذلك لو كانا صبيين فقتل الصبي المأمور رجلًا عمدًا أو خطأ لا يرجع] (٦) عاقلة الصبي القاتل على عاقلة الصبي الآمر لأن أمر الصبي باطل فيجعل وجوده كعدمه؛ ولهذا لا يصح إقرار الصبي ولا كفالته ولا يؤاخذ الصبي بضمان القول.


(١) بضم الباء وهو الفرج؛ والمباضعة المجامعة؛ وفي قولهم: ملك فلان بُضع فلانة إذا عقد عليها. ينظر: طلبة الطلبة (ص/ ٤٢)، المغرب (ص/ ٤٥).
(٢) هو أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني علاء الدين ملك العلماء. صاحب كتاب «بدائع الصنائع». تفقه على علاء الدين محمد بن أحمد بن أبي أحمد السمرقندي. ينظر: تاج التراجم (ص/ ٣٩٤)، كشف الظنون (١/ ٣١٦).
(٣) ينظر: تبيين الحقائق (٦/ ١٥٩)، العناية (١٠/ ٣٥٠، ٣٥١)، البناية (١٣/ ٢٩٤).
(٤) محجور بحذف الصلة؛ والفقهاء يحذفون الصلة تخفيفًا؛ والأصل محجور عليه لفهم المعنى، والحجر بمعنى المنع؛ وهو منع نفاذ التصرفات القولية بسبب الجنون أو الصغر أو السفه والإفلاس. ينظر: التعريفات (ص/ ٥٩)، معجم لغة الفقهاء (ص/ ٤٠٤)، المصباح المنير (١/ ٩).
(٥) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٦) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.