للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن كان كلاهما مأذونين أو الآمر عبدًا مأذونًا والمأمور عبدًا محجورًا صغيرًا أو كبيرًا فقتله المأمور؛ يخير مولى الجاني بين الدفع والفداء؛ وأي ذلك فعل رجع في رقبة العبد الآمر بقيمة عبده يباع فيه أو يفدي؛ لأن الآمر بالأمر صار غاصبًا (١) للمأمور فصار كإقراره بالغصب؛ والمأذون لو أقر بغصب مال لزمه في الحال فيباع فيه أو يفدي فكذا إذا أمر؛ هذا إذا كان المأمور عبدًا.

وأما إذا كان المأمور بقتل رجل صبيًّا حرًّا والآمر عبدًا مأذونًا أو محجورًا فقتل الصبيُّ المأمور بقتله ذلك الرجلَ، ضمن عاقلة الصبي الدية مؤجلة في ثلاث سنين، فلا رجوع لهم على العبد وإن كان مأذونًا له في التجارة؛ لأن هذا الضمان ليس بضمان الغصب لأن الحر لا يغصب، وإنما هذا ضمان جناية [وجناية] (٢) العبد لا تلزمه بعد العتاق.

ألا ترى أنه لو باشر الجناية ثم أعتقه مولاه لا يطالب هو بحكم تلك الجناية.

كذا هنا بل بالطريق الأولى؛ لأنه لما لم يؤاخذ العبد بعد العتاق بموجب جناية باشرها في الرق (٣) وجب أن لا يؤاخذ بموجب جناية أقر بها بعد العتاق بالطريق الأولى؛ وهو أنَّ أمره بالقتل كالإقرار بالجناية لأن كلًا منهما قَوْلي.

ولو أقر بالجناية لم يلزمه شيء أصلًا لا في الحال ولا بعد العتاق سواء كان عبدًا محجورًا أو مأذونًا؛ لأن الإذن بالتجارة إذن بما يختص بالتجارة، والإقرار بالجناية ليس من توابع التجارة، فكان إقرار المأذون والمحجور فيه سواء، ولو كانا مكاتبين بأن أمر المكاتب مكاتبًا آخر مثله صغيرًا أو كبيرًا فالجناية في عنق القاتل ولا غُرم على الآمر.

وكذا لو كان الآمر حرًّا أو عبدًا والمأمور مكاتبًا فالجناية في عنق المكاتب؛ لأن المكاتب بمنزلة الحر يدًا، فلا يصير مضمونًا بالغصب.

وأحكام صور اختلاف حال الآمر والمأمور اندرجت فيما ذكرنا؛ هذا كله من الجامع الصغير (٤) للإمام التمرتاشي والإمام المحبوبي: (٥).


(١) في (ج): عاصيًا؛ وما أثبت من (أ) و (ب) لعله أصوب.
(٢) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٣) الرقيق لغة: هو الملك والعبودية وهو نقيض العتق أي الحرية، وشرعًا: هو الذل الذي ركبه الله على عباده جزاء استنكافهم عن طاعته؛ وأول ما يؤخذ المأسور يوصف بالرق ولا يوصف بالملك إلا بعد الإخراج إلى دار الإسلام. ينظر: تبيين الحقائق (٣/ ٧٢)، لسان العرب (١٠/ ١٢٣ - ١٢٤).
(٤) ينظر: البناية (١٣/ ٢٩٥).
(٥) ينظر: البناية (١٣/ ٢٩٥).