للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا إن لم يوجد منه النقل فقد وجد الأمر بالنقل فأقيم مقام النقل كمن أمر عبدًا ليحمل له حملًا فحمله وهلك فيه ضمن الآمر (١)، وإن لم يوجد منه النقل (٢) لكن لما وجد منه الأمر بالنقل أقيم مقامه؛ كذلك هاهنا؛ كذا ذكره الإمام المحبوبي (٣):.

لأنه غير مضطر في دفع الزيادة، أي لا ضرورة له في إعطاء الزيادة؛ لأنه يتخلص عن عهدة الضمان بإعطاء الأقل من الفداء أو قيمة العبد؛ لأنه إنما أتلف بأمره ما هو الأقل منهما.

وإن دفعه دفعه إليهم أثلاثًا؛ ثلثاه لولي الخطأ وثلثه لغير العافي من ولي العمد عند أبي حنيفة:؛ وقالا يدفعه أرباعًا إلى آخره (٤)

وأصل هذا مما اتفقوا عليه هو أن قسمة العين إذا وجبت بسبب دين في الذمة كالغريمين في التركة ونحوها كانت القسمة بطريق العول (٥) والمضاربة (٦)؛ لأنه لا تغاير (٧) في الذمة؛ فيثبت حق كل واحد منهما على وجه الكمال فيضرب بجميع حقه.

أما إذا وجبت قسمة العين ابتداءً لا بسبب دين في الذمة كما في مسألة بيع الفضولي (٨)؛ وهي أن فضوليًّا لو باع عبدَ إنسانٍ وفضوليًّا آخر باع نصفَه فأجاز المولى البيعين كان العبد بين المشتريين أرباعًا فكانت القسمة بطريق المنازعة؛ لأن الحق الثابت في العين ابتداءً لا يثبت بصفة الكمال عند المزاحمة؛ لأن العين الواحد يضيق عن الحقين على وجه الكمال فكانت القسمة بطريق المنازعة.


(١) في (ج): المأمور؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) في (ج): القتل؛ وفي (أ): الفعل؛ وما أثبت من (ب) هو الصواب.
(٣) ينظر: البناية (١٣/ ٢٩٥).
(٤) وَقَالَا: يَدْفَعُهُ أَرْبَاعًا: ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِوَلِيَّيِ الْخَطَإِ، وَرُبْعُهُ لِوَلِيِّ الْعَمْدِ). ينظر: الهداية (٤/ ٤٩٠)، العناية (١٠/ ٣٥١)، البناية (١٣/ ٢٩٦).
(٥) العول في اللغة: الميل إلى الجور والرفع، وفي الشرع: زيادة السهام على الفريضة فتعول المسألة إلى سهام الفريضة فيدخل النقصان عليهم بقدر حصصهم، والعول الارتفاع؛ وهو أن يزيد سهامًا فيدخل النقصان على أهل الفرائض. ينظر: التعريفات (ص/ ١٥٩)، أنيس الفقهاء (ص/ ١١٣).
(٦) المضاربة لغة: مصدر ضارب؛ وأصل اشتقاقها من ضرب الأرض إذا سار فيها، وقيل: لأن كلًا منهما يضرب بسهم في الربح، واصطلاحًا: عقد شركة في الربح بمال من جانب وعمل من جانب. ينظر: لسان العرب (٧/ ٢١٧)، تبيين الحقائق (٥/ ٥٢).
(٧) في (أ): لا تضايق؛ وما أثبت من (ب) و (ج) أقرب.
(٨) الفُضولي: بالضم: المشتغل بما لا يعنيه؛ وفي الشرع من لم يكن وليًا ولا وصيًا ولا أصيلًا ولا وكيلًا. ينظر: المعجم الوسيط (٢/ ٦٩٣)، معجم لغة الفقهاء (ص/ ٣٤٧)، التعريفات (ص/ ١٦٧).