للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: ما وجه الفرق لأبي يوسف ومحمد رحمهما الله بين جواز أخذ أرشهما المولى إذا شجا أوقطع أيديهما وليس له أن يجامعهما إذا كانتا أمتين (١)؛ والمسألة بحالها مع أن هذه النكتة (٢) (٣) التي ذكرنا في الكتاب أن العتق غير نازل في المعيّن، والشجة تصادف المعين فبقيا مملوكين واردة فيه أيضًا لأن الوطء أيضًا يصادف المعين كالشجة.

قلتُ: وجه ذلك هو أن الوطء تصرف لا يحل إلا في الملك، فإقدامه عليه في أحدهما دليل تعيين الملك فيه، ومن ضرورته انتفاء ذلك العتق عنها فيتعين في الأخرى.

وقاسا بما لو قال لامرأتين له: إحداكما طالق ثلاثًا؛ ثم وطئ إحداهما تعين الطلاق في الأخرى؛ وهذا لأن فعل المسلم محمول على الحِل ما أمكن.

وأما في حق الأرش يفي كل واحد منهما لاختيار العتق المولى فيهما بعد الشجة وبعد قطع أيديهما لبقاء كل واحد منهما محلًا للعتق، وما بقي خيار المولى لا يكون العتق نازلًا في عين أحدهما، فإنما شج رأس كل واحد منهما أو قطع يده على حكم الرق فكان للمولى؛ لأن خيار التعيين للمولى فيهما باق كما كان قبل الشجة فيهما.

ولو قتلهما رجل؛ أي رجل واحد؛ تجب دية حر وقيمة عبد، هذا إذا كان القاتل واحدًا وقتلهما معًا واستوت قيمتهما (٤).

أما إذا كان القاتل اثنين فيجيء بعده.

وأما إذا قتلهما الواحد على التعاقب فعليه قيمة الأول [للمولى] (٥) ودية الآخر لورثته؛ لأن بقتل أحدهما تعين العتق في الآخر ضرورة فتبين أنه قتله … وهو حر.

وأما لو قتلهما معًا كان عليه قيمة عبد ودية حر إن استوت القيمتان، وإن اختلفت فعليه نصف قيمة كل واحد منهما ودية حر؛ لأنا نتيقن أنه قتل عبدًا وحرًا؛ وقتل الحر يوجب الدية، وليس أحدهما بأولى من الآخر فيلزمه نصف قيمة كل واحد منهما ونصف دية كل واحد منهما؛ لأن البيان (٦) فات حين قتلا، وعند فوت البيان يشيع العتق فيهما.


(١) في (ج): إذا كانا اثنين؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) في (ج): المسائل؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٣) النكتة من الكلام: وهي الجملة المنقحة المحذوفة الفضول، وهي مسألة لطيفة أخرجت بدقة نظر وإمعان؛ وسميت المسألة الدقيقة: نكتة؛ لتأثير الخواطر في استنباطها. ينظر: المغرب (ص/ ٤٧٣)، التعريفات: (ص/ ٢٤٦).
(٤) في (ب): فيهما؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٥) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٦) في (ب): الضمان؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.