للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا إذا أتلفه غير الصَّبي في يد الصبي المودَع [حيث يضمن المتلف؛ ولو كان التسليط على الاستهلاك ثابتًا في حق الصبي المودع] (١) لثبت في حق غيره أيضًا؛ لأن المال الذي سُلط على استهلاكه بمنزلة [المال] (٢) المباح فكان لكل أحد ولاية الاستهلاك من غير ضمان.

ومن حجة أبي يوسف: ما ذكره في وديعة المبسوط فقال إن ضمان الاستهلاك ضمان فعل والصبي والبالغ فيه سواء، ولأن الإيداع من الصبي باطل لأنه استحفاظ من لا يحفظ فكأنه لم يودعه ولكنه جاء وأتلف ماله، واستحفاظ من لا يحفظ تضييع للمال فكأنه ألقاه على قارعة الطريق.

ولو فعل ذلك فأتلفه كان ضامنًا فهذا مثله حيث وضع المال في يد مانعه أي مانعه من الإيداع والإعارة في أنه لا ولاية له عليه، فإن الأصل أن كل يد مانعة على معنى أنها تمنع يد غيره عليه إلا إذا أقام يده مقام يده، وهاهنا لم يقم يده مقام يده لعدم الولاية له عليه، فكان التضييع من جهته بخلاف البالغ والمأذون له يعني لو أتلفا يضمنان بالإجماع؛ لأن لهما ولاية على نفسيهما فيصح الإيداع عندهما؛ وبعد صحة الإيداع لو أتلف المودَع الوديعة يضمن.

بخلاف ما إذا كانت الوديعة عبدًا حيث يضمن المتلف (٣) المودع.

لأن عصمته لِحَقهِ أي لحق العبد يعني لا باعتبار أن المالك يعصمه؛ لأن عصمة المالك (٤) إنما تعتبر فيما له ولاية الاستهلاك حتى تمكن غيره من الاستهلاك بالتسليط.

وليس للمولى ولاية استهلاك عبده فلا يجوز له تمكين غيره من الاستهلاك، فلما لم يوجد التسلط (٥) منه يضمن المستهلك سواء أكان المستهلك صغيرًا أم كبيرًا.

بخلاف سائر الأموال، فإن للمالك أن يستهلكها فيجوز له تمكين غيره من استهلاكها بالتسليط.

وذكر في الإيضاح: وهذا بخلاف قتل العبد لأنا إنما نعتبر فعله تمكينًا إذا كان هو متمكنًا من ذلك الفعل بملكه والمالك غير متمكن من القتل بملكه فلم يعتبر تمكينه.

فأما في غيره فهو متمكن من الإتلاف بالملك شرعًا وإنما لا يطلق له ذلك لكون الفعل سفهًا لا أنه غير مملوك له (٦).


(١) ساقطة من (أ)؛ وإثباتها من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٢) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٣) في (أ) و (ب): الصبي؛ وما أثبت من (ج) هو الصواب.
(٤) في (أ): المال؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٥) في (ب): التسليط؛ وما أثبت من (أ) و (ج) قريب منه.
(٦) ينظر: العناية (١٠/ ٣٧٢).