للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في الأسرار في جواب هذا فقال: قلنا المولى بحكم يده ما كان يملك قتل العبد لكونه أجنبيًّا عنه في حق روحه وحياته والعبد فيه كالحر.

ثم قال: فإن قيل هذا الجواب يبطل بما لو كانت [الوديعة] (١) شاة فخنقها (٢) الصبي أو العبد فإنه لا يضمن، ورب الشاة ما كان يملك هذا بحكم ملكه (٣).

قلنا: إنما يملك بحكم ملكه التصرف في حياتها فإنه يذبحها ولكن لا يملك الخنق؛ لأنه تضييع للمال لا لأنه إتلاف كما لو سيَّبَهَا (٤) لم يصح.

وفي مسألة العبد لا يملك حياته ولا التصرف فيها بحكم أنه [تضييع ولكن بحكم أنه] (٥) أجنبي عنه.

ألا ترى أنه لو أقرَّ عليه بالقصاص لا يصح إذ هو مبقى على أصل الحرية في حق الدم، فلما كان العبد في حق الدم بمنزلة الحر لم يصح الإيداع في حقه؛ لأن الحر لا يجوز أن يكون وديعة غيره فلذلك لم يتناوله الإيداع والتسليط.

وبخلاف ما إذا أتلفه غير الصبي لأنه سقطت العصمة (٦) بالإضافة إلى الصبي دون غيره أي المالك بالإيداع عند الصبي إنما أسقط عصمة ماله عن الصبي لا عن غيره، وماله معصوم في حق غيره كما كان لأن التسليط إنما وجد في حق الصبي لا في حق غيره فصار مال الوديعة هنا بمنزلة من وجب عليه القصاص في حق دمه فإنه غير معصوم الدم في حق من له القصاص، ومعصوم [الدم] (٧) في حق غيره كما كان، لما أن عدم عصمة دمه إنما يثبت في حق من له القصاص لا غير فكذا هنا.


(١) ساقطة من (أ) و (ج)؛ وإثباتها من (ب) هو الصواب.
(٢) خَنَقَه يَخْنُقُه من باب قتل خنقًا؛ ومنه الخِنَاق بالكسر حبل يخنق به، وموضع الخنق في الحلق والعنق. ينظر: مختار الصحاح (ص/ ٩٨)، لسان العرب (١٠/ ٩٢)، المصباح المنير (١/ ١٨٣).
(٣) ينظر: العناية (١٠/ ٣٧٢).
(٤) السائبة: هي المال الذي يسيبه: أي يهمله من غير أن يجعله ملكًا لأحد أو وقفًا على شيء من وجوه الخير. ينظر: طلبة الطلبة (ص/ ١٠٧).
(٥) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٦) العصمة: المنع، والعصمة أيضًا الحفظ؛ أي المنعة والحفظ من الضياع، والعصمة منع الله عبده من المعاصي مع التمكن منها وهي على نوعين: العصمة المؤثمة: التي تجعل من هتكها آثمًا، والعصمة المقومة: التي يجب في هتكها القصاص أو الدية؛ ومنه قولهم: المسلم معصوم الدم. ينظر: مختار الصحاح (ص/ ٢١١)، لسان العرب (١٢/ ٤٠٤).
(٧) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.