للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد بينا في الدعوى أن اليمين ليس بحجة صالحة لاستحقاق فلسٍ بها فكيف يكون حجة لاستحقاق نفسٍ [خصوصًا] (١) في موضع يتيقن (٢) أنّ الحالف مجازف يحلف على ما لم يعاينه بحال محتمل في نفسه وهو اللوث، وإنما اليمين مشروعة لإبقاء ما كان على ما كان فلا يستحق بها ما لم يكن مستحقًا.

فأما [قوله] (٣): أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؛ لا تكاد تصح هذه الزيادة وقد قال جماعة من أهل الحديث أولهم سهل بن أبي خيثمة: ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم (٤)، ولو ثبت فإنما قال ذلك على سبيل الاستفهام عليهم لا على طريق الحكم والأمر لهم بذلك؛ فإن الثاني معطوف على الأول فشاركه في الاستفهام، فإنه لو كان على سبيل الحكم لكان يقول: أتحلفون فتسحقوا دم صاحبكم؛ كما تقول: [أتدخل الدار فتبصرَ الأمر بالنصب أريد به التعليق في الحكم وإذا أريد به الاستفهام قيل] (٥): أتدخل الدار وتجلسُ فيها [بالرفع أي أتجلسُ فيها] (٦) بعد الدخول، والاستفهام استخبار عن فعله أيفعله أم لا وليس ببيان أنه يجوز له ذلك، أو هو محمول على الاستفهام بطريق الإنكار كقوله تعالى: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ} (٧).

وكذلك قوله (٨) تحلفون (٩) معناه أتحلفون كقوله تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} (١٠) معناه أتريدون؟

وكأنه - صلى الله عليه وسلم - رأى منهم الرغبة في حكم الجاهلية حين أبوا أيمان اليهود بقولهم: لا نرضى بيمين قوم كفار؛ فقال ذلك على سبيل الزجر، فلما عرفوا كراهة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذلك رغبوا عنه بقولهم: كيف نحلف على أمرٍ لم نعاين ولم نشاهد؟ كذا في المبسوط (١١) والأسرار (١٢).


(١) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) في (ج): متفق؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٣) ساقطة من (ج) و (أ)؛ وإثباتها من (ب) هو الصواب.
(٤) سبق تخريجه في الصفحة السابقة.
(٥) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٦) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٧) سورة الشعراء: ١٦٥ - ١٦٦
(٨) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٩) في (ج): أتحلفون؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(١٠) سورة الأنفال: ٦٧
(١١) ينظر: المبسوط (٢٦/ ١٠٩).
(١٢) ينظر: العناية (١٠/ ٣٧٦)، المبسوط (٢٦/ ١٠٩).