للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: ما الفرق لأبي حنيفة ومحمد: بين سائق الدابة أو قائدها أو راكبها هاهنا وبين الدار (١)؛ فإنه إذا وجد القتيل في الدار تجب القسامة والدية على مالك الدار لا على الساكن الذي في يده الدار عند أبي حنيفة ومحمد: وهاهنا تجب القسامة على الذي في يده الدابة من السائق وغيره والدية على عاقلته لا على مالك الدابة.

قلت له جوابين؛ أحدهما بطريق المنع (٢) فنقول: لا نسلم بأن الدية هنا لا تجب على مالك الدابة فإن من مشائخنا من قال هذا الجواب الذي ذكره في الكتاب فيما إذا لم يكن للدابة مالك معروف وإنما يعرف ذلك بقول القائد والسائق.

وأما إذا كان للدابة مالك معروف فإنه يجب على مالك الدابة؛ وهذا لأنه متى لم يكن للدابة مالك معروف فالمالك من حيث الظاهر هو الذي في يده الدابة.

ألا ترى أنه لو ادعى أن الدابة دابته كان القول قوله؛ فإذا كان ذو اليد مالكًا من حيث الظاهر فالقسامة والدية تجب عليه بظاهر ملكه، فإذا أراد أن يحوله إلى غيره لا يقدر كما في الدار إذا أقر الذي في يده الدار أن الدار لغيره ولم يكن المقَر له مالكًا معروفًا للدار لا يصدق ذو اليد، فأما إذا كان مالك الدار معروفًا فإنه تجب القسامة والدية على مالك الدار، فعلى هذا لا يحتاج إلى الفرق بين الدابة والدار، والثاني بطريق التسليم وهو أيضًا مما قاله بعض مشائخنا فقالوا: سواء أكان للدابة مالك معروف أم لم يكن فإن القسامة تجب على الذي في يده الدابة والدية على عاقلته.

وظاهر إطلاق الجواب في الكتاب يدل على هذا، فعلى هذا يحتاج إلى الفرق بين هذا وبين الدار على ما ذكرت، والفرق هو أن العبرة في هذا الباب للتصرف والرأي والتدبير، ثم التصرف والرأي والتدبير في الدار يكون للمالك؛ لأنه لا يتصور [أي ما دام مالكًا] (٣) انقطاع يده عن ذلك؛ لأنه وإن أخرها فالمئونة تكون على المالك فتكون القسامة عليه، وأما في الدابة فالتصرف والرأي والتدبير إلى من في يده الدابة؛ لأن زوال يد صاحب الدابة عن الدابة يثبت بالإجارة وكذلك بالانفلات فتكون القسامة على الذي في يده الدابة لذلك، هذا كله من المبسوط (٤) والذخيرة (٥).


(١) في (ج): الدابة؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) في (ج): التبع؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٣) ساقطة من (أ) و (ب)؛ وإثباتها من (ج) هو الصواب.
(٤) ينظر: العناية (١٠/ ٢٨٣).
(٥) ينظر: العناية (١٠/ ٣٨٢).