للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأما إذا كان محتبسًا بالشط فحكمه ما ذكره في الكتاب.

وذكر شيخ الإسلام في مبسوطه: هذا إذا كان موضع انبعاث الماء في دار الشرك؛ لأنه إذا كان كذلك فلعل هذا قتيل دار الشرك؛ فأما إذا كان موضع انبعاث الماء في دار الإسلام تجب الدية في بيت المال؛ لأن موضع انبعاث الماء في يد المسلمين فسواء كان قتيل مكان الانبعاث أو مكان آخر دون ذلك فهو قتيل المسلمين، فتجب الدية في بيت المال (١).

وذكر في الذخيرة أيضًا مثل هذا فقال: وإذا وجد الرجل قتيلًا في نهر يجري فيه الماء فهذا على وجهين؛ الأول: أن يكون النهر عظيمًا كالفرات ونحوه؛ وإنه على وجهين أيضًا؛ الأول: أن يجري به الماء، وفي هذا الوجه إن كان موضع انبعاث الماء في دار الحرب (٢) فدمه هدر سواء أكان يجري في وسطه أم في شطه؛ لأنه لما كان يجري به الماء والحال هذه كان هو قتيل دار الشرك، أويحتمل أنه قتيل مكان الشرك، وذلك المكان ليس تحت أيدي المسلمين، وإن كان موضع انبعاث الماء في دار الإسلام تجب الدية في بيت المال؛ لأنه قتيل مكانٍ هو في يد المسلمين سواء اعتبرنا موضع انبعاث الماء أو موضع ظهور القتيل فهو على أقرب القرى من ذلك المكان.

على التفسير الذي تقدم أراد به قوله قيل هذا محمول على ما إذا كان بحيث يبلغ أهله الصوت، وبهذا صرح في المبسوط (٣) والذخيرة (٤) وغيرهما.

فقال في المبسوط: وإن كان إلى جانب الشاطئ محتبسًا فهو على أقرب القرى إليه والأرضين فعليهم القسامة والدية؛ ثم قال وهذا إذا كانوا بالقرب من ذلك الموضع بحيث يسمعون صوت من وقف على ذلك الموضع ونادى بأعلى صوته؛ وإن كانوا لا يسمعون ذلك لا شيء عليهم فيه؛ هكذا فسره الكرخي:.

ورد في الذخيرة على هذا بقوله وأما إذا كان بحيث لا يسمع منه الصوت لا يجب عليهم شيء وإنما يجب في بيت المال؛ لأنه يجب بزعامة المسلمين لم تسقط القسامة وكذلك الدية لا تسقط عن عواقلهم.

وقد ذكرناه؛ أي المذكور في بعض النسخ؛ وهو قوله: ولو ادعى على البعض بأعيانهم أنه قتل وليه إلى آخره (٥).


(١) ينظر: العناية (١٠/ ٣٨٧)، البناية (١٣/ ٣٥١).
(٢) دار الحرب: بلاد العدو الكافر المحارب، وهِيَ كُل بُقْعَةٍ تَكُونُ أَحْكَامُ الْكُفْرِ فِيهَا ظَاهِرَةً. ينظر: معجم لغة الفقهاء (ص/ ١٧٨) بدائع الصنائع ٧/ ٣٠ - ٣١، كشاف القناع ٣/ ٤٣، الإنصاف ٤/ ١٢١، المدونة ٢/ ٢٢.
(٣) ينظر: العناية (١٠/ ٣٨٧)، البناية (١٣/ ٣٥١)، الأصل (٦/ ٥٧٠).
(٤) ينظر: العناية (١٠/ ٣٨٧)، البناية (١٣/ ٣٥١).
(٥) وَلَوِ ادَّعَى عَلَى الْبَعْضِ بِأَعْيَانِهِمْ أَنَّهُ قَتَلَ وَلِيَّهُ عَمْدًا أَوْ خَطًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، يَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُ الْجَوَابِ فِي الْكِتَابِ، وَهَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْمَبْسُوطِ. ينظر: الهداية (٤/ ٤٦٠)، العناية (١٠/ ٣٧٨)، البناية (١٣/ ٣٣٤).