للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عمر- رضي الله عنه -للحارث بن أرفع الوادعي (١) حين قال: لا أيماننا تدفع عن أموالنا ولا أموالنا تدفع عن أيماننا حقنهم دماءكم؛ وإنما أغرمكم الدية لوجود القتيل بين أظهركم (٢)؛ فإن قيل الظاهر أن قاتله من غير أهل المحلة وأنه من خصمائه.

قلنا قد تعذر الوقوف على قاتله حقيقة فيتعلق الحكم بالسّبب الظاهر وهو وجوده قتيلًا في محلتهم؛ ولأن على أهل المحلة أن يصونوا محلتهم عن مثل هذه الحادثة فإذا لم يفعلوا كانوا غارمين.

قال الفقيه أبو جعفر (٣): في كشف

الغوامض (٤): وهذا إذا كان الفريقان غير متناولين اقتتلوا عصبية (٥)؛ فإن كانوا مشركين أو خوارج فلا شيء عليهم فيه ويجعل ذلك ممن أصابه العدو؛ لأن بمجرد الدعوى لا يثبت الحق؛ أي الاستحقاق عند إنكار المدعى عليه.


(١) هو الحارث بن الأزمع العبدي، ويقال: الوادعي. عن: عمرو ابن مسعود وعمرو بن العاص. وعنه: الشعبي وأبو إسحاق السبيعي؛ قاله أبوحاتم. قال ابن عبد البر: مذكور في الصّحابة. توفي في آخر أيام معاوية. هذا جميع ما قال فيه. وقال أبو موسى في الذّيل: ذكره ابن شاهين، وعبدان في الصّحابة، لكن قال ابن شاهين: هو تابعي أدرك الجاهلية روى عن عمر. قلت: ونسبه ابن سعد، فقال: الحارث بن الأزمع بن أبي بثينة بن عبد اللَّه بن مر بن مالك بن حرب بن الحارث بن سعد بن عبد اللَّه بن وداعة، ذكره في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة. ينظر: الطبقات الكبرى (٦/ ١٧٣)، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام (٢/ ٨٠٣)، الإصابة في تمييز الصحابة (٢/ ١٣٤).
(٢) ينظر: العناية (١٠/ ٣٩٠)، المبسوط (٢٦/ ١٠٧).
(٣) هو: محمد بن عبد الله بن محمد، الفقيه أبو جعفر البلخي الحنفي الهندواني، كان يقال له من كماله في الفقه: "أبو حنيفة الصغير". وتوفي ببخارى في ذي الحجة سنة اثنتين وستين. وقد تفقه على أبي بكر محمد بن أبي سعيد الفقيه. وكان من أعلام أئمة مذهبه. ينظر: تاريخ الإسلام (٨/ ٢٠٧)، الجواهر المضية (٢/ ٦٨).
(٤) هو: كشف الغوامض في الفروع. لأبي جعفر الهنداوني الفقيه. ذكر فيه: بعض ما أورده محمد في (الجامع الصغير). ينظر: كشف الظنون (٢/ ١٤٩٣).
(٥) المسألة فيها ثلاثة أقوال: الأول: موافق للفقيه أبي جعفر وهو مذهب الحنفية؛ إلا أنهم لم يشترطوا شرطه: أن أهل المحلة يتحملون هذه الجناية إلا إذا أبرأهم الولي وادعى على غيرهم أو ادعى على غيرهم أو ادعى على معين منهم، واشترط أن يكون الفريقان غير متأولين. ينظر: تبيين الحقائق (٦/ ١٧٤ - ١٧٥).
الثاني: وهو مذهب المالكية: أن القسامة لا تثبت للقتيل بين الصفين. ينظر: البيان والتحصيل لابن رشد (١٥/ ٤٥٣).
الثالث: للشافعية: أنه إن ادعى على رجل بعينه فله ذلك؛ وإن لم يدع على أحد بعينه فلا عقل ولا قود. ينظر: الأم (٦/ ١٠٦).