للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذكر في المبسوط (١) فإن أقام الولي شاهدين من غير أهل المحلة على ذلك الرجل فقد أثبت عليه القتل بالحجة فيقضى عليه بموجبه؛ وإن أقام شاهدين من أهل المحلة بذلك عليه لم تقبل شهادتهما لأن أهل المحلة خصماء في هذه الحادثة ما بقيت القسامة والدية عليهم فكانوا متهمين في هذه

الشهادة وكانوا في معنى شاهدين لأنفسهم فلهذا لم تقبل شهادتهما (٢).

وقال أبو يوسف: إن اختارهما (٣) الولي في جملة من يحلفهم [يحلفهما] (٤) بالله ما قتلنا قط؛ لأنهما زعما أنهما يعلمان القاتل فلا معنى لاستحلافهما على العلم، فإنهما يستحلفان على الثبات (٥) بالله ما قتلنا.

وقال محمد: يحلفان بالله ما قتلنا ولا علمنا له قاتلًا سوى فلان؛ لأن ما هو المقصود يحصل بهذا الاستثناء فلا يجوز إسقاط اليمين على العلم في حقهما كما لا يجوز في حق غيرهما؛ كالوصي إذا خرج من الوصاية بأن بلغ الغلام أو عزله القاضي.

قال (٦): وعلى الأصلين هذين؛ أي الأصلين المجمع عليهما (٧) أحدهما أن كل من انتصب خصمًا في حادثة ثم خرج من أن يكون خصمًا لم تقبل شهادته في تلك الحادثة بالإجماع؛ كالوكيل إذا خاصم ثم عزل.

والثاني إذا كانت لرجل عرضية أن يصير خصمًا ثم بطلت هذه العرضية فشهد تقبل شهادته بالإجماع؛ ثم في مسألتنا هذه وهي ما إذا شهد اثنان (٨) من أهل المحلة على رجل من غيرهم عند دعوى الولي القتل على ذلك الرجل شهدا بأنه قتل، جعل أبو حنيفة: شهادتهما هذه شهادة

من انتصب خصمًا في حادثة ثم خرج من أن يكون خصمًا فشهد فلم تقبل شهادتهما؛ لأن نفس وجود القتيل بين أظهرهم جعلهم خصماء فلا تقبل شهادتهما.

وجعل أبو يوسف ومحمد رحمهما الله شهادتهما هذه شهادة رجل له عرضية أن يصير خصمًا ثم لم يصر خصمًا فتقبل شهادتهما، وذلك أنهم إنما يكونون خصمًا لو ادعى الولي عليهم؛ فإذا ادعى على غيرهم زالت هذه العرضية، وبه تبين أنهم لم يكونوا خصماء في هذه الحادثة أصلًا فوجب قبول شهادتهم فيها؛ كالشفيع إذا شهد بالبيع بعدما سلم الشفعة تقبل شهادته؛ والوكيل [بالخصومة] (٩) إذا عُزِل قبل أن يخاصم ثم شهد في تلك الحادثة تقبل شهادته لهذا المعنى.


(١) ينظر: المبسوط (٢٦/ ١١٥).
(٢) في (أ): وإذا تقبل شهادتهما؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٣) في (ب): اختار؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٤) ساقطة من (ب)؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٥) في (ب): البتات؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٦) ينظر: البناية (١٣/ ٣٥٦).
(٧) في (ب): المجمع عليه أحدهما؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٨) في (أ): شهدا بيان؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٩) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.