(٢) المستأمن: هو الحربي المقيم إقامة مؤقتة في ديار الإسلام، فيعود حربيا لأصله بانتهاء مدة إقامته المقررة له في بلادنا، لكن يبلغ مأمنه لقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ}، أو بنبذ العهد، أي نقضه من جانب المسلمين؛ لوجود دلالة على الخيانة، لقوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}، وهي في أهل الهدنة أو الأمان، لا في أهل جزية، فلا ينبذ عقد الذمة؛ لأنه مؤبد، وعقد معاوضة فهو آكد من عقد الهدنة. وقد يصبح المستأمن حربيا بنقض الأمان من جانبه هو، أو بعودته لدار الحرب بنية الإقامة، لا التجارة أو التنزه أو لحاجة يقضيها، ثم يعود إلى دار الإسلام، فإذا رجع إليهم ولو لغير داره، انتهى أمانه. هذا، وكل ما ينتقض به عهد الذمي، ينتقض به أمان المستأمن، على حسب الاتجاهين السابقين؛ لأن عقد الذمة أمان مؤبد، وآكد من الأمان المؤقت، ولأن المستأمن كالذمي يلتزم بتطبيق أحكام الإسلام. ومن نقض أمانه بنقض العهد ينبذ إليه ويبلغ المأمن عند الجمهور، ويخير الإمام في شأنه كالأسير الحربي، من قتل ومن وفداء وغيره عند الحنابلة. ينظر: شرح السير الكبير ١/ ٢٠٧، والبدائع ٥/ ٢٨١، و ٧/ ٣٢٦، الدر المختار ٣/ ٢٧٥، والمغني ٨/ ٤٠٠، المدونة ٣/ ٤٢، والفروق ٣/ ٧٤، والشرح الكبير للدسوقي ٢/ ١٧٢، وتحفة المحتاج ٨/ ٩٨، وفتح القدير ٤/ ٣٠٠، وتصحيح الفروع ٣/ ٦٦، وكشاف القناع ٣/ ١٠٠. ويصير الحربي مستأمنا بالحصول على أمان من كل مسلم بالغ عاقل عند الجمهور، أو حتى من مميز عند آخرين. وليس لأهل الحرب دخول دار الإسلام بغير أمان؛ لأنه لا يؤمن أن يدخل جاسوسا، أو متلصصا، أو لشراء سلاح، فيضر بالمسلمين. ينظر: المغني ٨/ ٥٢٣، والمهذب ٢/ ٢٥٩