للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلتُ: إنما يعتق المدبَّر لأن الموت جعل شرط عتقه؛ ومن حيث إنه شرط عتق لا ينعدم بالقتل؛ لأن القتل بغير حق يجوز أن يكون شرط عتق فكذلك سائر المعاصي؛ ولكن يسعى المدبَّر في جميع قيمته لأنه تعذر رد العتق فيكون الرد بإيجاب السعاية، هذا كله مما أشار إليه في المبسوط (١) والأسرار (٢).

لأن نفع بطلانها يعود إليهم كنفع بطلان الميراث، وهذا التشبيه غير صحيح في تعليل قولهما؛ لأن تعليل مذهبهما إنما يتم بذكر الفرق [بين الوصية والميراث لا بالتشبيه ثم يحتمل أنه جمع بينهما بطريق التشبيه من حيث] (٣) مجرد النفع العائد إليهم عند بطلانها لا غير، ولم يجمع بينهما في أن الوصية لو لحقتها الإجازة تصح وفي الميراث لا تصح، وإنما افترقا من هذا الوجه لأن إجازة العبد ورده إنما تعمل فيما كان من جهة العبد والوصية تمليك من جهة العبد فجاز أن تعمل الإجازة فيها، ولا كذلك (٤) الميراث لأن الميراث من جهة الشرع لا صنع للعبد فيه فلا تعمل فيه إجازة العبد لذلك.

فإن قلت: القاتل حارب حقيقة مع الميت حتى قتل ولا تجوز الوصية للمحارب حكمًا كما لو أوصى لحربي لم تجز الوصية، فإن أجازت الورثة لكونه محاربًا حكمًا فلأن لا تجوز الإجازة هنا أولى لأنه محارب حقيقة، وهذا لأن الحرمان كان بطريق العقوبة حقًا للشرع حتى إن القاتل لو كان صبيًّا لم يحرم شيئًا فلا يتغير ذلك بوجود الرضا من الورثة.

قلتُ: إن الوصية للقاتل أقرب إلى الجواز عند الإجازة من الوصية للوارث؛ لأن العلماء اتفقوا على ألا وصية للوارث واختلفوا في جواز الوصية للقاتل؛ فإن عند مالك يجوز سواء قدم الوصية على الجرح أو أخر الوصية عنه (٥)، ثم بإجازة الورثة تنفذ الوصية للوارث فكذلك للقاتل، بخلاف ميراث القاتل فإن ثبوت الملك بالميراث بطريق الحكم بغير اختيار العبد حتى لا يتوقف على القبول ولا يرتد بالرد، والإجازة إنما تعمل فيما يعتمد القبول والرد.

وبخلاف الوصية للحربي لأن بطلانها لانعدام الأهلية في جانب الموصى له؛ فإن الحربي كالميت في حق أهل الإسلام والميت لا يكون أهلًا للوصية [له] (٦) ولا تأثير للإجازة في إثبات الأهلية لمن ليس بأهل.


(١) ينظر: المبسوط (٢٧/ ١٧٩).
(٢) ينظر: البناية (١١/ ١٠٠)، المبسوط (٢٧/ ١٧٩).
(٣) ساقطة من (ب)، وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٤) في (ج): وكذلك، وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٥) المدونة (٤ - ٣٤٧)، الذخيرة للقرافي (٧ - ٢٨)
(٦) ساقطة من (أ)، وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.