للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بخلاف ما لو أوصى لأخيه وله ابن ثم مات ابنه تبطل الوصية.

وذكر في فتاوى قاضي خان (١): ولو أوصى لإخوته الثلاثة المتفرقين وله ابن جازت الوصية لهم بالسوية أثلاثًا؛ لأنهم لا يرثون مع الابن، فإن كان له بنت مكان الابن جازت الوصية للأخ لأب وللأخ لأم وتبطل الوصية للأخ لأب وأم؛ لأنه يرث مع البنت، وإن لم يكن له ابن ولا بنت كانت الوصية كلها للأخ لأب؛ لأنه لا يرثه وتبطل الوصية للأخ لأب وأم وللأخ لأم لأنهما يرثانه.

وإقرار المريض للوارث على عكسه أي على عكس الوصية.

بتأويل الإيصاء أي يعتبر في الإقرار وقت الإقرار لا وقت الموت، وهذا الذي ذكره ليس بمجرى على إطلاقه، فإن في إقرار المريض للوارث إنما لا يعتبر وقت الموت في كونه وارثًا إذا كان كونه وارثًا بسبب حادث، وأما إذا كان كونه وارثًا بسبب كان وقت الإقرار يعتبر كونه وارثًا وقت الموت أيضًا كما في الوصية في حق منع صحة الإقرار؛ بيان ذلك هو أن مريضًا لو أقر لابنه بدين وابنه عبد ثم أعتق ثم مات الأب وهو من ورثته فإقراره بالدين جائز؛ لأن كسب العبد لمولاه فهذا الإقرار حصل من المريض في المعنى للمولى، والمولى أجنبي منه، فإن صار العبد من ورثته لا يبطل ذلك الإقرار؛ لأن هذا حكم ثبت بسبب حادث وهو الإعتاق وبه لا يبطل الإقرار (٢) له، بخلاف من ورث بسبب قائم وقت الإقرار، وهو أن يقر لأخيه وله ابن ثم مات الابن قبله حتى صار الأخ وارثًا بطل إقراره له عندنا.

وقال زفر: إقراره صحيح؛ لأن الإقرار موجب الحق بنفسه فإنما ينظر إلى حالة الإقرار وقد حصل لمن ليس بوارث فلا يبطل بصيرورته وارثًا بعد ذلك، كما لو أقر لأجنبية ثم تزوجها، وبهذا فارق الهبة والوصية لأنه مضاف إلى ما بعد الموت حقيقة أو حكمًا.

ألا ترى أنه لو وهب لأجنبية ثم تزوجها ثم مات لم تصح الهبة، وينظر فيه إلى وقت الموت لا إلى وقت الهبة بخلاف الإقرار.

ولنا أنه واراث بسبب كان قائمًا وقت الإقرار فيتبين أن إقراره حصل لوارثه وذلك باطل؛ وهذا لأن الحكم مضاف إلى سببه فإذا كان السبب قائمًا وقت الإقرار تثبت صفة الوراثة للمقر له من ذلك الوقت (٣) بخلاف الأجنبية إذا تزوجها؛ لأنها صارت وارثة بسبب حادث بعد الإقرار، والحكم لا يسبق (٤) سببه فلا يتبين أن الإقرار حين حصل كان للوارث.


(١) ينظر: العناية (١٠/ ٤٢٤).
(٢) في (ج): الإرث، وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٣) في (ج): الموت، وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٤) في (أ): إلى الأسبق، وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.