للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

باطلة (١).

وذكر في السير الكبير (٢) ما يدل على جواز الوصية لهم (٣) (٤)، ووجه التوفيق بين الروايتين أنه لا ينبغي له أن يفعل وإن فعل ثبت الملك [لهم] (٥)؛ لأنهم من أهل الملك.

أما لو أوصى الحربي بعدما دخل دارنا بأمان فيجوز لأن له ولاية تمليك المال في حياته فكذا بعد وفاته، ثم لا فرق في حق الحربي بين وصيته بالثلث أو (٦) بجميع (٧) المال؛ لأن المسلم (٨) إنما منع من الوصية بما زاد على الثلث لحق ورثته المسلمين، فإن حقهم معصوم عن الإبطال بخلاف ورثة الحربي؛ لأن حقهم غير معصوم، ولهذا المعنى يجوز تملك (٩) أموالهم وأنفسهم، فلذلك لم يمنع حقهم صحة الوصية بالجميع، كذا في شروح الجامع الصغير (١٠).

وقبول الوصية بعد الموت: اعلم أن قبول الموصى له الوصية ليس بشرط لصحة الوصية، وإنما هو شرط إفادة (١١) الملك للموصى له حتى لا يثبت الملك بالوصية قبل القبول؛ لأن الوصية تشبه الإرث من وجه من حيث إنها تملك بالموت كالإرث، وتشبه الهبة من وجه من حيث إنها تملك بتمليك الغير، ولهذا تبطل الوصية بالخمر وإن كان الخمر يورث، فاعتبرناها بالهبة في حق القبول ما دام القبول موهومًا من الموصى له، فقلنا بأنها لا تملك قبل القبول واعتبرناها بالإرث بعد القبول، فقلنا إن الموصى له يملكها بعد القبول من [غير] (١٢) قبضٍ عملًا بالشبهين بقدر الإمكان، فإن قبلها الموصى له في حال الحياة أو ردها فذلك باطل؛ لأن القبول إنما يعتبر بعد موت الموصي، لأن الوصية إيجاب بعد الموت فيعتبر القبول والرد بعد موت الموصي، ولو رد الموصى له الوصية حال حياة الموصي ثم قبل بعد موته صح القبول؛ لأن الرد حال حياة الموصي غير معتبر فصار وجوده والعدم سواء (١٣)، ولو لم يقبل الموصى له الوصية بعد موت الموصي ولم يردها أيضًا حتى مات هو، فالقياس أن تكون ورثته بمنزلته في الرد والقبول.


(١) ينظر: المبسوط (٢٧/ ١٤٧).
(٢) السير الكبير في الفقه للإمام محمد بن الحسن الشيباني، صاحب أبي حنيفة، وهو آخر مصنفاته؛ صنفه بعد انصرافه من العراق؛ ولهذا لم يروه عنه أبو حفص. ينظر: كشف الظنون (٢/ ١٠١٣).
(٣) قال محمد: ووصية الذمي للحربي المستأمن بالثلث تكون صحيحة. ينظر: شرح السير الكبير ج ٥ ص ٢٠٤٦.
(٤) ينظر: تبيين الحقائق (٦/ ١٨٤)، العناية (١٠/ ٤٢٦)، البناية (١٣/ ٤٠٠).
(٥) ساقطة من (ب)، وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٦) في (ج): وبين، وما أثبت من (أ) و (ب) قريب من معناه.
(٧) في (أ): وبجميع، وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٨) في (ج): الوصي، وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٩) في (أ): تمليك، وما أثبت من (ب) و (ج) قريب منه.
(١٠) ينظر: العناية (١٠/ ٤٢٦، ٤٢٧)، البناية (١٣/ ٤٠٠).
(١١) في (أ): إفساده، وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(١٢) ساقطة من (ب)، وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(١٣) في (ج) و (أ): بمنزلة، وما أثبت من (ب) قريب منه.