للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي الاستحسان (١) يلزمهم ذلك ردوا أو قبلوا، هكذا في بعض المواضع، وذكر في بعض المواضع القياس أن تبطل الوصية، وفي الاستحسان لا تبطل، كذا في الذخيرة (٢).

ويستحب أن يوصي الإنسان بدون الثلث؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنك إن تدع عيالك أغنياء» (٣)، معناه ورثتك إليك أقرب من الأجانب، فترك المال لهم خير لك من الوصية فيه، وفي هذا دليل على أن التقليل في الوصية أفضل، وذلك مروي عن أبي بكر وعمر م قالا: «لَأَن يوصي بالخمس أحب إلينا من أن يوصي بالربع ولَأَن يوصي بالربع أحب إلينا من أن يوصي بالثلث» (٤)، كذا في المبسوط (٥).

الكاشح العدو الذي أعرض وولَّاك كشحه، الكَشَحُ ما بين الخاصرة إلى الضلع، وقيل الكاشح هو الذي أضمر العداوة في كشحه، وإنما جعل هذا التصدق أفضل لأن التصدق على ذي المحب (٦) الصديق مما تميل إليه النفس لمحبته وصداقته، وفي القريب الكاشح المنظور إليه هو معنى القرابة لا غير مع مخالفة نفسه لأن نفسه لا تدعوه إلى التصدق عليه، فكان ترجيح معنى القرابة في الإحسان أولى من ترجيح جانب المحبة خصوصًا ما إذا كان ذلك متضمنًا مخالفة النفس وقهرها فكان هو أولى لا محالة، والموصى به يملك بالقبول، خلافًا لزفر؛ فإن عنده يملك بدون القبول، [فلما كان يملك عنده بدون القبول] (٧) كالإرث يجب ألا يرتد بالرد كما في الإرث؛ وهذا لأن الملك هنا بطريق الخلافة (٨)، وهو أن تعليق الملك بالشرط في حال الحياة لا يجوز فبعد الموت أولى.


(١) ينظر: العناية (١٠/ ٤٢٧).
(٢) ينظر: العناية (١٠/ ٤٢٧)، البناية (١٣/ ٤٠٠، ٤٠١).
(٣) أخرجه البخاري في (صحيحه) كتاب الفرائض باب ميراث البنات، (٨/ ١٥٠ رقم الحديث: ٦٧٣٣)، ومسلم في (صحيحه) كتاب الوصية باب الوصية بالثلث، (٣/ ١٢٥٠ رقم الحديث: ١٦٢٨).
(٤) أخرجه البيهقي في (السنن الكبرى) كتاب الوصايا باب من استحب النقصان عن الثلث إذا لم يترك ورثته أغنياء استدلالا بما روينا في حديث سعد بن أبي وقاص، (٦/ ٤٤٢ رقم الحديث: ١٢٥٧٥)، وابن أبي شيبة في (مصنفه) كتاب الوصايا باب ما يجوز للرجل من الوصية في ماله؟ (٦/ ٢٢٧ رقم الحديث: ٣٠٩٢٣). قال الألباني في (إرواء الغليل) (٦/ ٨٥): ضعيف.
(٥) ينظر: المبسوط (٢٧/ ١٤٤).
(٦) في (ب): ذي الرحم المحب، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٧) ساقطة من (ج)، وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٨) في (ب): ثبت بطريق الخلافة، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.