للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتجوز الوصية للحمل وبالحمل إذا وضع لأقل من ستة أشهر أي من وقت موت الموصي [لا من وقت الوصية] (١)؛ لأن وجود الموصى به إنما يشترط وقت وجوب الوصية وهو وقت الموت لا وقت الوصية، ثم قوله: إذا وضع لأقل من ستة أشهر يتعلق بهما جميعًا، أما في قوله للحمل فظاهر لأن الموصى له إذا لم يكن موجودًا لا يصح منه التمليك بالوصية ولا بغيرها، وكذلك في قوله: بالحمل؛ لأنه إذا لم يكن الموصى به موجودًا حقيقة كان وصية بالمعدوم وقت وجوب الوصية وهو لا يصح في الحمل، بخلاف ما إذا أوصى بثمرة بستانه وهي معدومة فإنه يصح، وقد ذكرناه.

وذكر في باب الوصية بما في البطن وهو الباب السادس عشر من وصايا المبسوط: وإذا أوصى الرجل بما في بطن هذه الجارية، ثم ولدت بعد موته لستة أشهر أو أكثر فلا وصية له؛ لأنه أوصى بالمعدوم ولم يعلم وجوده عند موت الموصي لا حقيقةً ولا حكمًا، ووجوب الوصية بالموت فما لم يكن المعين (٢) معلوم الوجود عند وجوب الوصية لا تكون الوصية صحيحة.

فإن قلت هنا إشكال ظاهر وهو أنه اشترط ههنا وجود الموصى به وهو الحمل عند وجود (٣) الوصية حتى لم يصحح الوصية بالمعدوم، وقد صحح الوصية بالمعدوم في مسألة الوصية بثمرة بستانه أبدًا، وقال: وإن قال له ثمرة بستاني أبدًا، فله هذه الثمرة، وثمرته فيما يستقبل ما عاش على ما يجيء في الكتاب -إن شاء الله تعالى- في آخر باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة.

وكذلك الوصية بغلة (٤) البستان يقع على الموجود والمعدوم، وكذلك وجود الموصى له ليس بشرط. ألا ترى أنه لو أوصى لأولاد فلان ولم يكن لفلان ولد وإنما ولد له ولد بعد الوصية قبل موت (٥) الموصي فالوصية له صحيحة، وأجناسه تجيء في باب الوصية للأقارب من الكتاب، وذكره الإمام المحبوبي أيضًا.

قلتُ: جوابه يجيء هناك أيضًا إن شاء الله تعالى، ويجوز للموصي الرجوع عن الوصية؛ لأن الوصية تمليك بطريق التبرع مضافًا إلى ما بعد الموت، والتبرع النافذ وهو الهبة محتمل للرجوع فالمضاف إلى ما بعد الموت أولى، أما الصريح فظاهر وهو أن يقول: رجعت عما أوصيت به (٦) لفلان وكذا الدلالة.


(١) ساقطة من (ج)، وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) في (ج): الصبي، وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٣) في (ج) و (أ): وجوب، وما أثبت من (ب) هو الصواب.
(٤) في (ب): بثمرة، وما أثبت من (أ) و (ج) قريب منه.
(٥) في (أ): قول، وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب؛ وبه يستقيم المعنى.
(٦) في (ب): له، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.