للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي الذخيرة: والرجوع قد يثبت صريحًا وقد يثبت دلالة وقد يثبت ضرورة (١)، …

والرجوع دلالة أنواع: أحدها استهلاك الموصى به (٢) حقيقةً أو حكمًا حتى إن من أوصى لإنسان بثوب فقطعه وخاطه قميصًا أو أوصى بقطن فغزله أو نسجه (٣) أو أوصى بحديدة فصنع منها سيفًا، فهذه التصرفات دلالة الرجوع؛ لأنها استهلاك للعين حكمًا.

ألا ترى أن حق المغصوب منه ينقطع بهذه التصرفات؛ ونوع من ذلك أن يخلط الموصى به بغير الموصى به خلطًا لا يمكن التمييز أصلًا، كما إذا كان الموصى به سويقًا فَلتَّهُ بسمن، ونوع من ذلك أن يحدث نقصانًا في الموصى به حتى خرج الموصى به عن هيئة الادخار والبقاء إلى يوم الموت كما إذا أوصى بشاة لإنسان ثم ذبحها فهذا رجوع عن الوصية، وأما الرجوع فضرورة أن يتغير الموصى به ويتغير اسمه؛ لأن الموصى له إنما يستحق الموصى به بعد موت الموصي بذلك الإيجاب وبذلك الاسم؛ فإذا تغير [الموصى به وتغير] (٤) الاسم لو استحق الموصى له لا يكون الاستحقاق بذلك الاسم؛ بيان هذا إذا أوصى بحنطة لإنسان فهبت الريح بالحنطة وألقتها في طاحونة قبل موت الموصي حتى صارت دقيقًا بطلت الوصية.

وكذلك إذا أوصى بالكُفرى [وهو الطلع] (٥) في نخله فصار رطبًا قبل موت الموصي، أو أوصى بعنب في كرمه فصار زبيبًا (٦) قبل موت الموصي، أو أوصى ببيضة فحضنت دجاجة على البيضة حتى أخرجت فراريخ قبل موت الموصي بطلت الوصية؛ ولو كان التغير في هذه المسائل بعد موت الموصي قبل قبول الوصية أو بعده لا تبطل الوصية؛ لأن التغير حصل بعد تمام الوصية وعملها لأن تمامها بالموت فلا يوجب بطلانها.

ولو أوصى برطب فصار تمرًا قبل موت الموصي لا تبطل الوصية استحسانًا؛ بخلاف ما إذا أوصى بعنب فصار زبيبًا.

والفرق أن الرطب مع التمر جنس واحد ولهذا جاز استيفاء أحدهما مكان الآخر في السلم، ولهذا جاز بيع الرطب بالتمر متماثلًا (٧) عند أبي حنيفة: فلم يتغير الموصى به، وأما في فصل العنب الموصى به فقد تغير وكذلك الاسم.


(١) ينظر: الفتاوى الهندية (٦/ ٩٢)، مجمع الأنهر (٢/ ٦٩٤).
(٢) في (ب): له، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٣) في (ب): فغزله ونسجه، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٤) ساقطة من (ج)، وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٥) ساقطة من (أ) و (ب)، وإثباتها من (ج) فيه زيادة معنى وتوضيح.
(٦) في (أ): ربيعًا، وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٧) في (ب): بالتمر متماثلًا بالتمر، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.