للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ: (وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ -رحمه الله- فِي اكْتِفَائِهِ بِالْإِقَامَةِ).

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رحمه الله-:/ هَذَا أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ -رحمه الله- وَقَالَ فِي قَوْلٍ: لَا يُؤَذِّنُونَ، وَلَا يُقِيمُونَ، احْتَجَّ بِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ شَغَلَهُمُ الْكُفَّارُ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ، قَضَاهُنَّ بِغَيْرِ أَذَانٍ، وَإِقَامَةٍ (١)، وَفِي لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ اكْتَفَى بِالْإِقَامَةِ؛ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ شُرِّعَ لِإِعْلَامِ النَّاسِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ، وَلِلدُّعَاءِ إِلَى الاجْتِمَاعِ، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ؛ لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ، فِي الْفَائِتَةِ؛ لِأَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا مُتَفَرِّقِينَ، فَالدُّعَاءُ إِلَى الاجْتِمَاعِ، لَا يُفِيدُ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ أَنَّهُ لِلْفَائِتَةِ.

وَلَنَا مَا رُوِيَ مَنْ حَدِيثِ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ أَمْرَ بِلَالًا -رضي الله عنه- بِأَنْ يُؤَذِّنَ، فَأَذَّنَ، وَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّيْنَا صَلَاةَ الْفَجْرِ (٢)، وَكَذَلِكَ (٣) رَوَى أَصْحَابُ الْإِمْلَاءِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ -رحمه الله- بِإِسْنَادِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ شَغَلَهُمُ الْكُفَّارُ، قَضَاهُنَّ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ (٤).


(١) لم أجده كذلك، وإنما الموجود عكس هذا الحكم وهو: أن المشركين شغلوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أربع صلوات يوم الخندق، حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالا فأذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء. أخرجه الترمذي في"سننه" (١/ ٢٤٦)، أبواب الصلاة، باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ، حديث (١٧٩)، وأخرجه النسائي في"سننه الصغرى" (٢/ ٣٤٦)، كتاب الصلاة، باب، حديث (٦٦١). وقال الترمذي: (حديث عبد الله ليس بإسناده بأس، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله).
(٢) لم أجده بهذا اللفظ وإنما وجدت نحوه وهو ما أخرجه أبو داود في "سننه" (ص ٧٢)، كتاب الصلاة، باب من نام عن صلاةٍ أو نسيها، حديث (٤٤٤)، عن عمرو بن أُميَّة الضمْري، قال: «كُنَّا مع رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في بعضِ أسفارِه، فنامَ عن الصُّبحِ حتَّى طَلَعَت الشَّمسُ، فاستَيقَظَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "تَنَحَّوا عن هذا المكان" قال: ثمَّ أمرَ بلالاً فأذَّنَ، ثمَّ توضئوا وصَلَّوا ركعَتَي الفَجرِ، ثمَّ أمرَ بلالاً فأقامَ الصَّلاةَ، فصلى بهم صلاةَ الصُّبح». كذا أخرجه أحمد في "مسنده" (٣٣/ ١٩٧)، حديث (١٩٩٩١) من حديث عمران بن حصين، وقال الأرنؤوط: (حديث صحيح).
(٣) في (ب): (فكذلك).
(٤) أخرجه الترمذي في"سننه" (١/ ٢٤٦)، أبواب الصلاة، باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ، حديث (١٧٩)، وأخرجه النسائي في"سننه الصغرى" (٢/ ٣٤٦)، كتاب الصلاة، باب، حديث (٦٦١).
وقال الترمذي: (حديث عبد الله ليس بإسناده بأس، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله) يعني فيكون منقطعًا.