للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا كله على خلاف مسألة الكتاب، فإن فيها للحي كل الثلث؛ لأن الميت ليس من أهل الوصية له فإنما ينتقص (١) حقه بإثبات المزاحمة، ولم تثبت المزاحمة حين كان الآخر ميتًا فبقي الثلث للحي منهما بمنزلة ما لو قال: ثلث مالي لفلان وللمولى فالثلث كله لفلان، ويستوي إن كان الموصي يعلم بموت أحدهما أو لا يعلم إلا في رواية عن أبي يوسف قال: إذا كان لا يعلم بموته فله نصف الثلث.

[لأن الوصية عنده أي عند الموصي صحيحة لعمرو فلم يرض للحي إلا نصف الثلث] (٢)، ولكنا نقول استحقاق الحي منهما لجميع الثلث بانعدام المزاحمة للميت عند إيجاب الموصي وفي هذا لا فرق بين علمه بموته وجهله.

وهذا بخلاف ما لو قال: بين فلان وفلان وأحدهما ميت فللآخر نصف الثلث؛ لأن كلمة بين تقتضي المناصفة (٣)، قال الله تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} (٤)، والمراد المناصفة بدليل قوله تعالى: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} (٥)، فإذا صرح بما يوجب المناصفة كان موجبًا لكل واحد منهما نصف الثلث، هذا كله من المبسوط (٦).

ومن أوصى بثلث ماله ولا مال له فاكتسب استحق الموصى له ثلث ما يملكه عند الموت، هذا إذا كان الموصى به غير معين وهو شائع في جميع التركة كما في اسم المال، وأما إذا كان معينًا في نوع من المال فالحكم بخلافه.

وقال في الذخيرة: حاصل هذا الفصل أن الموصى به إذا كان معينًا يُعتَبر لصحة الإيجاب وُجُودُه يوم الوصية حتى إن من أوصى لإنسان بمعين (٧) لا يملكه ثم ملكه يومًا من الدهر لا تصح الوصية، وإن كان العين الموصى به في ملك الموصي يوم الوصية فالوصية تتعلق به حتى لو هلك ذلك العين تبطل الوصية؛ ومتى كان الموصَى به غير معين (٨) وهو شائع في بعض التركة، فكذلك يعتبر لصحة الإيجاب وجود (٩) الموصى به يوم الوصية وتتعلق الوصية به، ومتى كان الموصى به غير [عين] (١٠)، وهو شائع في جميع التركة يعتبر لصحة الإيجاب وجود الموصى به يوم موت الموصِي، وإذا كان الموصى به موجودًا في ملك الموصي فالوصية لا تتعلق به حتى لا تبطل الوصية بهلاكه.


(١) في (ب): ينتقض، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٢) ساقطة من (ج)، وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٣) في (ب): المناسبة، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٤) سورة القمر: ٢٨.
(٥) سورة الشعراء: ١٥٥.
(٦) ينظر: المبسوط (٢٢/ ٢٤).
(٧) في (أ): بعين، وما أثبت من (ب) و (ج) قريب من معناه.
(٨) في (أ): غير عين، وما أثبت من (ب) و (ج) قريب من معناه.
(٩) في (أ): وجوب، وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(١٠) ساقطة من (أ)، وإثباتها من (ب) و (ج) هو الصواب.