للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفقراء والمساكين جنسان بدليل العطف في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} (١)، والعطف يقتضي المغايرة.

وفي الأمالي (٢) (٣) عن أبي يوسف: ما يخالف هذا فقال: إن من أوصى بثلث ماله لفلان وللفقراء والمساكين، فعلى قول أبي حنيفة: يقسم الثلث بينهم على ثلاثة أسهم: سهم لفلان، وسهم للفقراء، وسهم للمساكين.

وقال أبو يوسف: فأما أنا فأجعل ثلث ماله على سهمين: سهم لفلان، وسهم للفقراء والمساكين؛ فأبو يوسف جعل المسكين والفقير اسمًا واحدًا من حيث المعنى، كذا في المغني (٤) (٥).

لمحمد: أن المذكور لفظ الجمع وأدناه في الميراث اثنان، وإنما قيد بقوله في الميراث احترازًا عن فصل الزكاة، فإن لفظ الجمع هناك منصرف إلى الواحد بإجماع بين أصحابنا، ثم لما كان لفظ الجمع في الميراث مصروفًا إلى الاثنين والوصية في معنى الميراث من حيث إن كلًا منهما تمليك المال بعد الموت فكان الجمع مصروفًا هناك أيضًا إلى الاثنين نجد ذلك في القرآن وهو قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} (٦).

والمراد من الإخوة الاثنان فصاعدًا فكان من كل فريق اثنان (٧)، أي من كل فريقي الفقراء والمساكين من كل واحد اثنان فصار أربعة، والأربعة مع (٨) ثلاث أمهات الأولاد سبعة، فإنه يتناول الأدنى (٩) مع احتمال الكل؛ لأن حكم الجنس كذلك.

ألا ترى أنه لو حلف ألا يتزوج النساء أو لا يشرب المياه فشرب قطرة واحدة أو تزوج امرأة واحدة حنث في يمينه، وإذا انصرف الاسم إلى الأدنى وهو الواحد قسم (١٠) الثلث على عدد الرءوس وهو خمسة [فكانت القسمة على خمسة] (١١) أسهم، ثم قال [لآخر] (١٢): قد أشركتك معهما فله ثلث كل مائة، وهذا استحسان.


(١) سورة التوبة: ٦٠.
(٢) ينظر: العناية (٢/ ٢٦٢)، البناية (٣/ ٤٤٨، ٤٤٩).
(٣) هو: الأمالي، لأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد الأنصاري، توفي سنة اثنتين وثمانين ومائة. ينظر: أسماء الكتب المتمم لكشف الظنون (ص: ٥٤).
(٤) المغني للخبازي: سبق ص ١٤٥.
(٥) ينظر: العناية (١٠/ ٤٥١)، البناية (١٣/ ٤٢٨).
(٦) سورة النساء: ١١.
(٧) في (ب): فكان من كلٍ اثنان، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٨) في (ب): من، وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٩) في (أ): الأولى، وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(١٠) في (ب): صرف، وما أثبت من (أ) و (ج) قريب منه.
(١١) ساقطة من (ب)، وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(١٢) ساقطة من (ب)، وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.